إماء العصر وغلمانه
البقعة الساخنة الأحد 10-3-2013 ديب علي حسن قبل أقل من ألف عام بقليل كانت الدولة العربية بتلوناتها وممالكها وخلافائها، وخلافاتها، تلفظ أنفاسها الأخيرة، لالشيء إلاّ لأن قادتها وأمراءها صاروا ألعوبة بأيدي غلمانهم، وإمائهم، وصبيانهم وحرسهم، وقادة جيوشهم إن بقيت لهم جيوش، لأن هؤلاء كانوا يحكمون السيطرة على مقدرات أشباه الخلفاء والأمراء،
ما يريدونه يصبح نافذاً بين ليلة وضحاها، حتى كان ما كان والوقائع معروفة ليس ثمة داع لأن نعيدها، ولكن لا ضير أن نذكر لعلّ بقية نخوة تبعث في إماء العصر وجواريه ويعودون إلى رشدهم المفارقة بين إماء العصر العباسي ونهاياته، وإماء عصر النفط ومحميات ومفرقعات الغاز والاعلام أن إماء العباسي كانوا خدماً عند أمراء أثرياء طمعوا بمالهم ومكاسبهم ومناصبهم وتمسكنوا حتى تمكنوا وانقضوا على المقدرات كلّها، أما إماء النفط والغاز فهم كما يدّعون أمراء وملوك، وأحرار، ولديهم من المقدرات ما يسيل اللعاب وما يجعل الآخرين خدماً وغلماناً عندهم، لكنهم على العكس تماماً صاروا بثرواتهم ومقدراتهم الخدم والغلمان وأدوات التخريب، لم تكفهم ليالي الطرب واللهو وشراء الجزر النائية في البحار والمحيطات، بل تورمت ذواتهم حتى ظنوا أنهم فعلاً أمراء وقادة، ولكن جاء من يذكرهم أنهم ليسوا إلاّ دمىً وفي أحسن الأحوال خدماً للآخر ضد أبناء جلدتهم، ولتأخذ الخدمة لونها وطابعها الرسمي كانت مؤتمراتهم في جامعة الأعراب الأغراب، وما قررته الإماء بوحي من السيد الأسود المبيّض كرهاً في واشنطن، وما تلا ذلك من مؤامرات دنيئة وخبيثة لا تتوقف فصولها عند حدّ معين، نعرف أن هؤلاء الغلمان ليسوا بقادرين على مثل هذا التفكير والتخطيط فمن أين أتت لهم هذه الطاقة التآمرية.. أليسوا خدماً وأعواناً وأدوات تحرك وتتلقى ما يجود به السيد الأبيض في البيت الأسود، وسلطان السلاجقة والغلمان...؟!...
الأمر لايحتاج الى تفسير فالذين أعادوا القدس الى الصليبيين بعد أن حررها صلاح الدين الأيوبي هم ذاتهم الآن يرون القدس تدنس ويصفقون لغاصبها ومدنسها ولا هم لهم إلاّ أن ينفذوا أوامر أسيادهم بالمزيد من الخطط التي تسفك الدم السوري، تارة تحت مسمى حكومة انتقالية، وتارة أخرى مقعد سورية في جامعة العربان.. نسوا أو تناسوا أن القضايا المصيرية التي نذرت الأمة طاقاتها من أجلها، وإذا بهم الغلمان يخربون كل ما تراكم من إنجازات عبر عقود من الزمن، ويخطىء من يظن أن هؤلاء الغلمان لديهم القدرة العقلية والمحاكمة المنطقية لرؤية الحقائق كما هي وليس كما صورها لهم أسيادهم، وأعدوا ليكونوا أدوات تنفيذ لها، ربما كان من واجبنا كأبناء أمة عربية أن نبني لهم مئات المشافي العقلية ونسعى لاستقدام أمهر الأطباء النفسيين لعلاجهم وربما فات الأوان حتى باستخدام الصدمات الكهربائية، وهل من صدمة أفظع من أن تدمر مقدرات أهلك ووطنك وتقتل أخوتك وأنت فرح ولا تستيقظ وترى هول ما فعلت نحن اعتدنا على مؤامرات الغلمان وعلى وجود أشباه رجال وحكومات يجود بها الانتداب، وعلى التابعين التابعين للتابعين وهم الأصاغر في غد ترسمه تضحيات شعبنا.
d.hasan09@gmail.com
|