الأوروبيون، الذين يصرّفون تفاصيل حياتهم بانضباط، فشلوا عن عمد ربما، في رصد ظواهر الفساد، فكانت احد أسباب اندلاع أزمة الديون، وقدرت منظمة الشفافية الدولية أن الفساد يكبد أوروبا نحو 120 مليار يورو سنويا.
الجيران الأوروبيون الذين يعتبروننا، نخبا ثانيا، نجد أن الكثير من دولهم، وعلى ذمة» الشفافية» ليست أفضل حالا من دولنا، فهي لاتمنح مواطنيها حق الوصول إلى المعلومة «فاسحة المجال بذلك أمام بروز ثقافة الابتزاز المالي والاختلاسات من لدن نخب سياسية واقتصادية».
تستفحل الظاهرة في البلدان التي تضعف فيها شبكات مكافحة الفساد، وتستشري أيضا في تلك الدول التي تكون فيها الأجهزة الرقابية، غير مستقلة وتابعة للحكومة، أي حينما تكون ملجومة بمَرَس المسؤولين، الذين ينهبون ويفرون من المحاسبة، وهو ماتؤكده المنظمة من أن «نخبا سياسية واقتصادية في أوروبا تستغل نفوذها للفوز بالصفقات أو التأثير على السياسات، في حين تعجز البرلمانات في غالب الأحيان عن إنقاذ قوانين مكافحة الكسب غير المشروع».
الفساد يفعل في الدول فعل السوسة في عصا سليمان الحكيم، فقد دأبت على نخر قلبها ولم تبقِ منها إلا هيكلا مالبث أن تداعى بعد حين.