ومع الانشغال بهذا الملف الساخن، لا ينسى اللاعب الأمريكي إرسال الرسائل الأخرى عبر قنوات كثيرة جاهزة لجعل الملفات جميعها مفتوحة وعلى الطاولة، فتصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية المستفزة حول الاستحقاقات الدستورية في سورية تدل على أن أمراً صدر للتصعيد السياسي للتشويش على مسار الانتصارات العسكرية الواضحة للجيش العربي السوري وإعادة السيطرة على آخر معاقل الإرهابيين في القلمون وبسرعة قياسية نتيجة التجهيز الجيد لمعركة يبرود.
ورسالة كيري التي وجهها بعد تعيين روبنشتاين خلفاً لروبرت فورد مبعوثاً خاصاً لسورية والتي تدل على لهجة التصعيد المتعمد من قبل الإدارة الأمريكية دليل آخر على ذلك التصعيد كما لا يمكن أن تنفصل تصريحات الموفد الدولي الإبراهيمي عن تلك الرسائل التي أرادت الولايات المتحدة أن توزعها على الأطراف التي لها علاقة بالأزمة في سورية, فهو يريد أن يستمر في عمله موفداً دولياً إلى آخر وقت متاح له من الناحية الفيزيولوجية فهو من أجل ذلك يتبرع بالتصريحات أو بالأحرى يبيعها لمن يدفع!
وهو عندما يتحدث عن جولة ثالثة في جنيف يقول أنها ضعيفة الحدوث ولكن ليست مستبعدة كلياً.
أما عندما يتحدث عن الاستحقاقات الدستورية في سورية يكون أكثر تحديداً ويقول إن ذلك يعقّد المفاوضات ويجعل المعارضة....كل المعارضة غير مهتمة بالتفاوض مع الدولة، وهو بهذه العبارة يحرض المعارضة التي يتحدث عنها بأن لا تقبل العودة إلى جنيف طالما أن هناك استحقاقات تجري في سورية.
فهل المطلوب حسب الأخضر الإبراهيمي وأسياده أن تتعطل الحياة الدستورية والسياسية وربما العسكرية أيضاً في سورية على أمل أن تعقد جولة أخرى في جنيف مع بعض معارضة مرتبطة بالخارج، إنهم يمثلون المعارضة, و هل رسالة السيد الإبراهيمي تطلب من الشعب السوري انتظار ما يمكن أن تنتج عنه مفاوضات جنيف لكي يحارب الإرهاب.
لقد أتحفنا السيد الإبراهيمي بتصريحات سابقة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها تجاوز لحدود مهمته وسورية لا تتوقف كثيراً عند تلك الرسائل والتكهنات وسوف تتابع حياتها شبه الطبيعية وتحارب الإرهاب وتطّهر مدنها وقراها بعد أن طهرت قواتنا المسلحة أكثر الأماكن تواجداً للإرهابيين في القلمون وتستمر ....
وقد سمع الموفد الإبراهيمي كلاماً واضحاً في طهران حول الموضوع السوري وبأن الشعب السوري هو من يقرر ماذا يريد وعلى الأمم المتحدة أن تكون حيادية وهي رسالة للاتجاه الآخر وللأمم المتحدة تحديداً أي للسيد بان كي مون وللإبراهيمي ولمشغليهم فرغم تجاوز الأمم المتحدة للدور البناء لإيران نراها تذهب إلى طهران طالبةً العون على سورية وليس لسورية، وهي لن تجد بهذا المعنى ما تبحث عنه هناك كما لم تجده في موسكو وبكين وسواهم من دول يعرفون أن واشنطن وحلفاءها لا يريدون حل الأزمة في سورية بطريقة سلمية، وروسيا هي الأكثر خبرة بواشنطن وتعرف أنها تتهرب دائماً مما يتم الاتفاق عليه وأوكرانيا آخر مثال وقبل ذلك جنيف2.
وروسيا التي تعي ما تفعل توجه في اعترافها بجمهورية القرم وانضمامها إلى روسيا رسالة إلى واشنطن وحلفائها ولليمينيين الأوكرانيين أن اللعب مع روسيا له ثمن وثمن باهظ أيضاً، فهي تدافع عن وجودها ولن تسمح بما يمكن أن يهدد أمنها القومي على حدودها مباشرةً.
وستبقى سورية واثقة مما تفعل لا تلتفت إلى الخطابات الهوجاء والانحياز الفاضح للولايات المتحدة الأمريكية التي لن تقتنع بوجوب حل سياسي في سورية قبل أن تمر الصفقة مع الفلسطينيين, وبعد ذلك سنجد سياسات أخرى مختلفة ربما عما هي عليه الآن.
فالولايات المتحدة الأمريكية هي سيدة السياسة البراغماتية في العالم وهي تتصرف على أنه لم يحن وقت التسويات وستبقى تضع العراقيل تلو العراقيل إلى أن يحين الوقت بالنسبة لها على الأقل!!
فهل يحين بعد خراب العالم، وهي تشعل الجهات غرباً وشرقاً شمالاً وجنوباً؟!!