تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المخرب النبيل

رؤية
الاربعاء 19/1/ 2005م
سلمان عز الدين

في جلسة خاصة أشرت إلى أحد الأصدقاء بأنه يكاد يكون أكثر هدوءاً من عطية مسوح.ولم أكن بحاجة إلى من ينبهني إلى أنها واحدة من أكثر مبالغاتي شططاً,

ذلك أنه من الصعب العثور على من هو أكثر ولعاً بالصمت من عطية مسوح.‏

ينتمي هذا الرجل إلى نوع نادر من المثقفين الذين ينأون عن الأضواء والضجيج من أجل توفير فسحة أكثر اتساعاً للتحليل الهادىء والتفكير العقلاني الموضوعي, وهو منذ سنوات طويلة يقسر نفسه على التزام عزلة إرادية أثمرت دراسات وكتباً هامة جريئة ومؤثرة.‏

لم أكن أعرفه تقريباً عندما كتبت عرضاً مقتضباً لكتابه (الماركسية وأسئلة العصر),وفي اليوم التالي لنشر هذا العرض صادف أنني قمت بزيارة إلى بلدة في محافظةالسويداء كانت ولاتزال تُعد معقلاً (للرفاق المؤمنين بعودة الرايات الحمراء خفاقة),وقد عوملت يومها بكثير من الريبة والجفاء لمجرد أنني تجرأت على ذكر مسوح والتنويه بكتابه,ولازلت أذكر جملة طائشة قالها أحدهم وحظيت بموافقة جميع الحاضرين(إنه صاحب مشروع تخريبي للفكر اليساري برمته) عندها عرفت أي موقف صعب يواجهه,وأي دور مأساوي يترتب عليه أن يلعبه.‏

بعيد انهيار الاتحاد السوفييتي انقسم معظم المثقفين اليساريين (الماركسيون خاصة) إلى فريقين:الأول ضم أولئك الذين تنكروا لتجربتهم وإرثهم وراحوا يجلدون ذواتهم في نوع من التكفير عن الذنب ممهدين لانتقالهم إلى الخندق المقابل. أما الفريق الثاني فقد ظل متشبثاً بالشعارات نفسها وكأن شيئاً لم يتغير.‏

عطية مسوح مع آخرين قلائل جسد خياراً ثالثاً إذ شرع في إعادة النظر في الأسس والجذور بأدوات علمية عقلانية مبتعداً عن الأفكار الجاهزة والتبريرات الساذجة ولاسيما الكليشة الأكثر تكراراً (لاخطأ على الإطلاق في النظرية وإنما الخطأ في التطبيق وحسب)وهو لم يهدف من وراء ذلك الى التقويض أو التخريب بل إلى إعادة البناء على أسس أكثر رسوخاً والتأسيس لفكر اشتراكي- يساري أكثر انفتاحاً وانسجاماً مع روح العصر,غير أن هذا لم ينجه من هجوم المتمترسين خلف عقائدهم الجامدة حتى أن قائداً يسارياً بارزاً أطلق هذا التصريح الناري:(لو كان لي سلطة على عطية مسوح لعلقت له مشنقته)‏

مسوح لايزال يكتب, وبهدوء ماكر لايزال مصراً على زعزعة الأسس المكونة للعقائد والأصوليات المنغلقة سواء الدينية منها أو العلمانية...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 سلمان عز الدين
سلمان عز الدين

القراءات: 1374
القراءات: 1120
القراءات: 1100
القراءات: 1239
القراءات: 1194
القراءات: 1336
القراءات: 1185
القراءات: 1252
القراءات: 1602
القراءات: 1214
القراءات: 1405
القراءات: 1225
القراءات: 1971
القراءات: 1248
القراءات: 1620
القراءات: 1229
القراءات: 1222
القراءات: 1290
القراءات: 1257
القراءات: 3059
القراءات: 1442
القراءات: 1450
القراءات: 1547
القراءات: 1589
القراءات: 1574

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية