| الموت.. حباً قضاياالثورة وفي الوقت ذاته, كان الرئيس بوش يخبر صحفيي الواشنطن بوست على متن طائرته الرئاسية قائلا: أنا واع أن الديمقرطية تحتاج إلى وقت لتنمو جذورها.. إنني واقعي في ما يتعلق بالسرعة التي يمكن أن ينتقل بها إلى الديمقراطية بلد كان يخضع لحكم طاغية?. عشية الحرب الأميركية على العراق لم تكن مثل هذه الواقعية مقيمة في ذهن الرئيس بوش, بل كان نقيضها, وكان الأميركيون يعتقدون أو يظنون أن طريقهم إلى بغداد من أم قصر مفروشة بالورد وعلى الجانبين حشود العراقيين المحتفلين المصفقين, وأن الديمقراطية ستزهر وتظلل العراق منذ اليوم الذي يلي سقوط الطاغية وحكمه. إذاً, فقد اعترف الرئيس بوش بانهيار فكرة (اللمسة السحرية للديمقراطية) في ذهنه, واستبدلها بأخرى بديلة عنها, أي فكرة جذور الديمقراطية التي تنمو ببطء, والوقت الذي لا بد للديمقراطية أن تصرفه وصولا إلى التطبيق, فيما يعظ فريدمان مسلمي العالم بأن يحبوا أنفسهم أولا قبل أن يحبوا أميركا, ولكن, بعد ماذا?. بعد أن دمرت الجيوش الأميركية أسباب الحياة في العراق وبناها التحتية وقطعت كل صلة له, أو حسب تعبير الرئيس بوش, جذور العراق وجسوره إلى المستقبل!. وبعد أن قطعت تلك الجيوش جذور العراق بتاريخه, ليس بصدام حسين فحسب, بل حتى بحمورابي وبابل, ليغدو جرما سابحا في فضاء مجهول ومعتم, لا يعرف أمسه من يومه من غده. وبعد أن حولت تلك الجيوش العراقيين إلى أكوام من الجثث والقتلى كل منهم, إما جثة, وإما عاهة بالجسد أو بالروح والنفس!. وبعد أن كره العراقيون.. حتى أنفسهم, وإلى جانبهم عالم من المسلمين تحت وطأتي الموت أو الإذلال, وما عاد حب الآخرين اختيارا حرا لهم أو لأجيالهم, ودون أن يفاوض فريدمان ويفاضل بين حب الذات وحب الآخر!!. أجل, تحتاج الديمقراطية زمنا طويلا وجذورا لتنمو, في العراق وفي غيره من العالم, ليس لأن الرئيس بوش اكتشف ذلك حديثا, بل بسبب اكتشافاته القديمة التي قالت ببناء الديمقراطية بعد التدمير!. أيها الفيلسوفان المتبحران, بوش وفريدمان, دعوا العالم يتلمس جذور الديمقراطية, ثم دعوه يختار أن يحبكم أو لا يختار, فحب أميركا ليس شرطا للديمقراطية!!!.
|
|