تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عنان وخيارا الدابي والعربي

إضاءات
الإثنين 4-6-2012
د.خلف علي المفتاح

ربما شكل مصير رئيس لجنة المراقبين العرب مصطفى الدابي رسالة وعبرة ودرساً للممثل الأممي كوفي عنان فيما يتعلق بمهمته وخطته التي طرحها لحل الأزمة السورية، فالكل يعلم أن التقارير التي رفعها السيد الدابي وبين في جوانب منها أن ثمة مجموعات مسلحة موجودة على الساحة السورية وتمارس أشكالاً من العنف والقتل،

وهو ما لم يرق للمعارضة الخارجية ومن يساندها سياسياً ويزودها بالمال والسلاح من قوى إقليمية وخارجية لأنه يدحض ادعاءاتها، وما حاولت تكريسه عبر وسائل الإعلام المرتبطة بها من أن السلطة السورية هي الوحيدة المسؤولة عن العنف وإراقة الدماء؛ تلك التقارير وبسبب مهنيتها وموضوعيتها شكلت خط النهاية لتلك المهمة ورئيسها وأنهت فصلاً من فصول الأزمة السورية وتداعياتها وأدخلتها في إطار آخر عبر الإحالة إلى مجلس الأمن الدولي.‏

وبالمقارنة بين مهمة الدابي وكوفي عنان يمكنناالاستنتاج أن القوى الدولية والإقليمية الوازنة والمنخرطة في حيثيات الأزمة السورية التي تشكل الرافعة السياسية للمعارضة الخارجية، تريد أن تتحول تقارير المراقبين إلى صورة طبق الأصل عن رؤيتها وتشخيصها للأزمة السورية، بحيث تظهر السلطة الوطنية السورية بأنها الوحيدة التي تستخدم العنف بمواجهة معارضة سلمية تطالب بالإصلاح، ما يوفر شروطاً موضوعية لإدانتها دوليا وتهيئة المناخ الدولي لاستصدار قرار أممي يجيز التدخل العسكري وممارسة خيار القوة بهدف إسقاط النظام السياسي وإيصال المعارضة الخارجية للسلطة، وهو جوهر ما تسعى إليه تلك القوى ويتقاطع بشكل جوهري مع استراتيجيتها في المنطقة في إطار التنافس على مناطق النفوذ والسيطرة على مكامن الثروات الباطنية من بترول وغاز وخطوط نقلهما من أماكن الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك.‏

إن نجاح خطة كوفي عنان -من وجهة نظرنا- تملك فرصة حقيقية في النجاح إن استطاع التحرر من الضغوط الخارجية التي يمكن أن تمارسها عليه القوى الغربية ودول الخليج وما تمثله من ثقل مالي وسياسي ونفوذ في المحافل الدولية، وهذا ما يمكن التحقق منه من خلال قيامه بالطلب إلى تلك الدول التي تقدم المساعدات المالية والعسكرية والدعم السياسي والإعلامي، الكف عن ذلك وتحميلها مسؤولية عدم القيام به، وبالتوازي مع مطالبته للحكومة السورية التقيد ببنود مبادرته ولعل اقتصار حركة كوفي عنان ومراوحته السياسية باتجاه روسيا والصين وإيران دون عواصم الغرب ودول الخليج المنخرطة في تسليح ودعم المعارضة مالياً وسياسياً لا يعطي مؤشرات إيجابية نحو تبنيه ذلك الخيار الاستراتيجي والحاسم من وجهة نظرنا.‏

إن إلقاء الكرة في ملعب السلطة الوطنية السورية وإغفال دور اللاعبين الإقليميين والدوليين لن يؤدي إلى نتيجة ملموسة بل ربما زاد الأمور تعقيداً ودماء السوريين نزفاً، لأن ثمة لعبة تحاك ويراد منها ابتزاز الحكومة السورية ومحاولة دفعها لسحب قواتها المكلفة بحفظ الأمن والاستقرار في إقليمها دون أن يقابل ذلك قيام المعارضة المسلحة والمجموعات الإرهابية بإلقاء سلاحها اللاشرعي ما يتيح لها أن تتوغل في المناطق السكنية وإحكام سيطرتها عليها، ما يضعف السلطة الوطنية ويظهرها بمظهر العاجز عن توفير الحماية لمواطنيها وما لذلك من انعكاسات سلبية على الرأي العام ويعطي الضوء الأخضر للمعارضة المسلحة لتستمر في أعمالها الإجرامية وسعيها المحموم لإضعاف السلطة المركزية وتحسين وضعها اللوجستي على الأرض؛ ما‏

يحسن من أوراقها حال تفكيرها أو اضطرارها الدخول في عملية سياسية إن قبلتها السلطة الشرعية افتراضاً.‏

لقد أفرغت المعارضة الخارجية كل ما في مخبئها من أوراق في الداخل وفشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافها المتمثلة بالوصول إلى السلطة بأي ثمن وانعدمت أمامها كل الخيارات وسدت في وجهها كل السبل، وهاهي اليوم تحاول جاهدة خلق مناخ وشروط موضوعية لتدخل دولي عسكري ترى فيه رهانها الوحيد للوصول إلى ما تصبو إليه، وذلك بمحاولتها استثمار المجزرة التي ارتكبت في الحولة وتأليب الرأي العام العالمي على الحكومة السورية عبر النفخ في محرقتها والسعي لإدخال الدم السوري في بورصة السياسة الدولية دونما أي رادع أخلاقي وإنساني، وهنا تأتي خطوة الحكومة السورية بإجراء تحقيق فوري بهدف الوقوف على ملابساتها والفاعلين والمحرضين والمتدخلين فيها وتقديمهم للقضاء والقصاص منهم ووضع الرأي العام بحقيقة ماحدث وملابساته خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح حتى لا تكون دماء السوريين التي أريقت في مجزرة الحولة ذريعة لإشعال فتنة طائفية سعى تجار الموت حثيثاً وعبثاً لخلق مناخاتها، إضافة إلى أن التحقيق في المجزرة قطع الطريق على أولئك الساعين لإحالة المسألة إلى محكمة الجنايات الدولية والكل يعلم أنها ذات اختصاص محدد حسب نظامها الأساسي وليست صاحبة ولاية قضائية أصلية وإنما قضاء تكميلي يتاح لها ذلك حال تقاعس القضاء الوطني عن القيام بواجباته ولم يضع يده على قضايا كهذه تثير الرأي العام.‏

إن محاولة اختلاق قضايا ثانوية وتسليط الضوء عليها سياسياً وإعلامياً والابتعاد عما هو جوهري وأساسي في إطار البحث عن حلول للأزمة في سورية وعدم التوازن في مواقف بعض الدول المؤثرة في مساراتها إضافة لعدم توفر إرادة سياسية لديها لم ولن يكون مجدياً وسيزيد في أمد الأزمة، وهنا يترتب على السيد أنان أن يكون شفافاً وواضحاً في تعاطيه مع إحداثياتها وتحميل كل طرف مسؤولياته في إطار اجتراح الحلول بما فيها مجلس الأمن والإقلاع نهائياً عن تحميل السلطة السورية مسؤولية أي عرقلة لمهمته وغض الطرف عن الأطراف الأخرى؛ هذا السلوك اللامتوازن في التعاطي مع الأزمة، كان برأينا السبب الذي جعل الجامعة العربية تفشل في المساهمة في حل الأزمة فهل يرغب السيد أنان أن تلاقي مهمته ذات المصير هذا ما سنتبينه في قادم الأيام؟‏

khalaf.almuftah@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11189
القراءات: 999
القراءات: 754
القراءات: 900
القراءات: 778
القراءات: 850
القراءات: 862
القراءات: 826
القراءات: 891
القراءات: 835
القراءات: 837
القراءات: 824
القراءات: 847
القراءات: 884
القراءات: 919
القراءات: 901
القراءات: 972
القراءات: 963
القراءات: 908
القراءات: 962
القراءات: 892
القراءات: 925
القراءات: 952
القراءات: 987
القراءات: 1141
القراءات: 1137

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية