تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المجازر وخنق الإعلام.! .. حلقة جديدة فاشلة للعدوان على سورية

الصفحة الاولى
الإثنين 4-6-2012
العميد الدكتور أمين محمد حطيط *

عندما فشلت المؤامرة على سورية في حلقاتها المتعددة, وبات يقيناً عند الغرب بالقيادة الاميركية ان التدخل العسكري الاجنبي المباشر في سورية لإسقاط الدولة وموقعها واقامة الكيان المدمر الواهن التابع لها امر لن يكون,

لاستحالته في الظروف الموضوعية القائمة, اعتمدت اميركا «استراتيجية التدمير والانتقام » من سورية وشعبها ممنية النفس – حتى لو طال الزمن – بتحقيق الاهداف الاساسية للخطة العدوانية التي بدأت بتنفيذها من نيف و15 شهرا وهي تدمير سورية بأيدي بعض ابنائها المضللين خدمة لإسرائيل.‏

و كان واضحاً لدينا منذ فشلهم ذاك ان خطتهم الجديدة ستقوم على ركني الارهاب والاعلام الذي يخوض حربا نفسية تمكن المعتدي من استثمار نتائج العمل الارهابي في الاروقة الدولية وعلى نطاق واسع, ويحاول ادخال الملف السوري الى اكبر عدد ممكن من الهيئات والمنظمات الدولية بدءا بمجلس الامن ثم مجلس حقوق الانسان والبقية تأتي وفقا لما يتمنون ويخططون !‏

أ‌- ففي المجال الارهابي والاجرامي نجد ان العدوان وصل الان الى مرحلة من المراحل المؤلمة للشعب والدولة السورية من باب ارتكاب المجازر واستثمارها ضد الدولة. حيث ان الخطط الاجرامية الجديدة تتضمن سلسلة من السلوكيات تبدأ بمجزرة ما ثم تلصق الجريمة بالدولة وقواتها المسلحة, ثم يرفع الملف الى الهيئات الدولية لملاحقة المسؤولين في الدولة على جريمة ارتكبها ارهابيون يتلقون مالهم وامرهم من منظومة العدوان وينطلقون ليعيثوا في البلاد فسادا وقتلاً, ثم يطور الضغط عبر التهويل بالملاحقة القضائية الدولية «للمرتكبين» الذين يحددهم المتآمرون، او التدخل العسكري تحت الفصل السابع, تهويل يقصد منه اصحابه ارهاب الحكم وشل قدرات المسؤولين فيه على القرار, ومن ثم تغل ايدي القوى الامنية عن العمل فتتخلف عن حفظ سلامة المواطنيين, وهنا تكون اللحظة الحاسمة بالنسبة لجماعات الارهاب المسلح من اجل العودة الى توسيع الانتشار في البلاد واشاعة الاضطراب بما يمكنهم من القول ان الدولة فقدت السيطرة على هذه المنطقة او تلك.‏

و عملا بهذه السياسة يتم الان التجييش والفجور في استثمار المجزرة الوحشية التي ارتكبت في «تلدو» في الحولة, وهي المجزرة التي رغم كل الادلة والاثباتات التي قدمتها الحكومة السورية والتي اثبتت مسؤولية الارهابيين عنها, وبعد ان ثبت ان جميع الضحايا هم من الرافضين للفكر والمعتقد السلفي الوهابي التكفيري ومن الداعمين للحكم في سورية ونهجه الاصلاحي, وانهم من المؤيدين لنهج المقاومة ضد اسرائيل, واثبتوا ذلك بمشاركتهم في الانتخابات الاخيرة وقبلها في الاستفتاء على الدستور حيث تجاوزت مشاركتهم الـ 70% من مجموع عدد الناخبين في القرية ما يؤكد مدى تأييدهم للنظام القائم,هذا فضلاً عن ان طريقة القتل الوحشية ومن مسافة قريبة وبالسلاح الابيض تؤكد صلتها بالقوى التكفيرية والارهابية التي تعمل في سورية, رغم كل هذه الادلة القاطعة فقد اصم الغرب آذانه , ووضع لنفسه وقائع صنعها ليحمل المسؤولية عن الجريمة زوراً للدولة وقواتها المسلحة.‏

ثم كان لافتاً ايضاً ان يسكت الغرب واعلامه كلياً عن مجزرة اخرى ارتكبها الارهابيون في قرية الشومرية وراح ضحيتها ما يزيد على 20 عائلة من الاهالي العزل، سكوت طرح السؤال عن سبب الاغفال, ولا توجد اجابة برأينا الا واقع القرية المعروفة بانتمائها العقائدي وبولائها للدولة وبشكل صارخ ومتعارف عليه بحيث لا يمكن التلاعب به وان قدرات المنظومة العدوانية في التلفيق لا تقوى على تصنيع التهمة وإلصاقها بالقوات المسلحة الرسمية, لذلك تم اغفال المجزرة برمتها وكأنها لم تحدث حتى لا يفضح الارهابيون وتعطل فرصة المخطط في ترويج تلفيقه حول مجزرة الحولة.‏

و الان بات اكيداً ان امعان العصابات التكفيرية والارهابية بارتكاب المجازر وبالشكل الوحشي الواضح, متبوعاً بنمطين من التعامل الاعلامي ينبئ بأن للمجازر تلك وظائف لدى القيادة التي تدير العدوان على سورية تتعدى الوظيفة التي كانت لها على يد «عصابات الهغاناه والشتيرن الصهيونيتين « (لا غرو في اجراء المقارنة بين مجازر التكفيريين والصهيونية طالما ان ارباب تلك الحركة وفلاسفتها من امثال برنار هنري ليفي هم الموجهون والمخططون والآمرون بهذه المجازر اليوم في سورية), حيث كانت المجازر يومها من اجل القاء الرعب في نفوس الفلسطينيين وحملهم على الهجرة اما اليوم فوظائفها :‏

1) اظهار الحكومة السورية بمظهر القاتل وبأنها كما وصفت في بداية الاحداث من قبل المخطط نفسه وروجت المنظومة الاعلامية التي يقودها بأنها تقتل شعبها وانها لا تستحق حكمه وعليها ان ترحل تنفيذا للهدف الاساس من العدوان وهو اسقاط النظام المقاوم والممانع من اجل السيطرة الاميركوصهيونية على المنطقة.‏

2) تشويه دور القوات المسلحة السورية بالصاق الجرائم بها, من اجل فك ارتباطها مع الشعب الذي يعتبر مصدر قوتها ومعنوياتها.‏

3) نشر الرعب والخوف في نفوس بعض فئات الشعب السوري ممن لا يعتنقون فكرا او عقيدة توافق عقيدة التكفيريين والسلفيين وتخويفهم لحملهم على الهجرة والنزوح, وهو اسلوب اعتمد في لبنان من اجل الفرز السكاني وكانت المليشيات التي سلحتها اسرائيل- «القوات الكتائبية المسماة لبنانية «- رائدة في هذا المجال حيث كانت سياسة التهجير احدى السياسات الاساسية المعتمدة ابان الحرب الاهلية اللبنانية.‏

4) تأليب العالم ضد الحكومة السورية, وحمله على اتخاذ القرارات والتدابير العقابية والانتقامية المتعددة الاوجه من اجل محاصرتها وعزلها وصولاً الى اسقاطها كما يشتهون لإقامة النظام البديل الملائم لإسرائيل.‏

ب‌- لقد بات اكيدا ان قيادة العدوان الاميركي الصهيوني تمارس في سورية وفي الحلقة الاخيرة من العدوان ما مارسته اميركا في السلفادور والعراق من خلال الاعتماد على «فرق الموت » والتنظيمات الارهابية التي انشأتها من مثيل « القاعدة » لتدمير سورية وقتل شعبها وتركيعه, وهي تعتقد انها لن تصل الى ذلك الا اذا ترافق التنفيذ مع اعلام تلفيقي قوي يحجب الحقيقة, وهنا يأتي دور الاداة الاميركية المسماة جامعة عربية – واالتي جعلها الاعراب الخليجيون جامعة عبرية - اميركية ضد العرب والاسلام,يأتي دورها في قرار محاربة الاعلام السوري الرسمي والاهلي.‏

اننا نرى في قرار مجلس وزراء الخارجية العرب المنعقد في الدوحة خلافاً لميثاق الجامعة والمتجاوز للصلاحيات المحددة له – ما يجعله باطلاً شكلاً ومضموناً – والمتضمن حجب الفضائيات السورية عن الاقمار الصناعية العربية (عرب سات ونيل سات ) نرى في هذا القرار وجهاً من وجوه تنفيذ هذه الحلقة من العدوان على سورية لان شرط نجاحها كما ذكرنا حجب الحقيقة وابدالها بالاكاذيب والتزوير. واخلاء الفضاء الاعلامي من اي وسيلة تنقلها ليخلو المجال أمام قنوات التحريض والتشجيع على الفتنة والارهاب . وهنا نتساءل هل ستسطيع قوى العدوان على سورية ان تحقق بخطتها الجديدة ما عجزت عنه خلال حلقات العدوان السابقة؟‏

اننا وانطلاقاً من الواقع الدولي القائم, نجد ان الجواب بالنفي هو اقرب للموضوعية والواقعية, وان اميركا كما فشلت سابقاً فانها لن تبلغ مآربها في سورية اليوم لاعتبارات عدة اهمها :‏

1) القرار الحازم للدولة بعدم التساهل مع الارهاب كما اعلنه الرئيس الاسد بكل ثقة ووضوح امام مجلس الشعب الجديد لانه يعتبر ان الامن الوطني خط احمر لا رجوع عنه مهما كانت التضحيات.‏

2) مؤهلات الشعب السوري وقدراته على استثمار التقنيات الحديثة في البحث عن الحقيقة وتمييز الغث من السمين, وعدم الانصياع الاعمى للاكاذيب التي تضخ لتعطيل وعيه.‏

3) قدرة القوات المسلحة السورية على الاستمرار في الاضطلاع بمهامها والحؤول دون تفلت الوضعي الامني بالشكل الذي تريده اميركا وتخطط له.‏

4) امكانات الدولة السورية للتغلب تقنياً على العوائق والصعوبات التي انتجها قرار الجامعة العربية غير المشروع، وكفاءة الدولة في ايجاد الحلول البديلة لاستمرار الصوت السوري الحقيقي عالياً.‏

5) مناعة الشعب السوري وصلابته وقدرته على التحمل في مواجهة الارهاب والمجازر, بما يحول دون الانجرار الى الفتنة والحرب الاهلية التي تحض عليها اميركا ( تحذر كذباً منها) لانها باتت وسيلتها شبه الوحيدة لتحقيق اهدافها في سورية.‏

6) و اخيرا يجب التذكير بأن سورية ليست وحيدة في العالم ولن يسلمها حلفاؤها لأعدائها ومهما كانت الاثمان.‏

* أستاذ جامعي وباحث استراتيجي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أمين حطيط
أمين حطيط

القراءات: 1122
القراءات: 1761
القراءات: 1860
القراءات: 2086
القراءات: 2421
القراءات: 2463
القراءات: 2523
القراءات: 2512
القراءات: 2477
القراءات: 2979
القراءات: 3470
القراءات: 3081
القراءات: 3629
القراءات: 3464
القراءات: 3214
القراءات: 3781
القراءات: 3482
القراءات: 4504
القراءات: 4301
القراءات: 4679
القراءات: 4380
القراءات: 4283
القراءات: 4297
القراءات: 4701
القراءات: 5276

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية