وإذا طبقنا هذه القواعد على ما تواجهه سورية اليوم، فان المطلوب يكون هو الإقرار بوجود مشكلة أو أزمة، على المستوى الوطني، وهذا في ظني ما فعلته، وان بشكل غير مباشر، القيادة السياسية السورية من خلال حزمة الإصلاحات المتوالية التي أصدرتها حتى الآن، والتي من المتوقع أن يصدر المزيد منها خلال الأيام المقبلة، وهي قرارات تأتي في إطار احتواء الأسباب التي أدت إلى احتقان ومن ثم احتجاجات خرجت إلى الشارع.
ومن أجل استكمال الصورة، ربما بات ينبغي توسيع حلقة المشاركة الوطنية في البحث عن مخارج للوضع الراهن الذي لا شك أنه يدفع للحزن وربما لقلق كل مواطن شريف في هذا البلد. وهذا يعني ضرورة إشراك كل الوطنيين المخلصين في حوار وطني حقيقي بحثا عن أفضل السبل للخروج بسلام، وربما بخير وفير للبلاد من هذه الأزمة التي تشكل اختبارا للشعب السوري، ليس في إثبات حبه لبلاده، وهذا أمر مفروغ منه، بل في قدرته على إيجاد حلول خلاقة للخروج الآمن من هذا الوضع، والذي نرى أمام عيوننا أنه في حالات مشابهة، أو مختلفة استغلت لتقود بلادا عربية أخرى إلى التهلكة، بسبب سوء التدبير من جانب جميع الأطراف، وهو ما فتح في المجال أمام تدخلات خارجية، لا يعنيها كثيرا مصير تلك البلاد، بقدر ما تسعى إلى تجيير الأوضاع فيها خدمة لمصالحها.
الشعب السوري أمام اختبار كبير اليوم ومعدنه الأصيل على المحك. لا يكفي أن نتغنى بحب الوطن، بل يجب ان نعبر عن ذلك من خلال تفعيل الوعي إلى أقصى درجة حتى لا يقع أحد من حيث يدري أو لا يدري، في أحابيل الخبائث التي تبث التفرقة والخوف بين أبناء البلد الواحد.
وربما انه من غير المجدي أن نستهلك معظم الوقت والجهد من أجل الحديث عن مؤامرات خارجية سياسية وإعلامية، والمفيد في ظني، أن نركز جميعا، حكومة وشعبا ومعارضة شريفة،على ما بين أيدينا من عمل وطني مشترك، وننجزه على الوجه الأكمل، فان نجاحنا في ذلك، أي نقل سورية إلى مرحلة جديدة تتعزز معها الحريات وحقوق المواطنة، وكل مقومات الدولة الحديثة، يقطع الطريق تلقائيا على أية تدخلات خارجية، سواء كانت حقيقة، أم مبالغ فيها، كما يعتقد البعض، وأنا منهم.