نتسكع مع أبطالها.. ننبش معهم خفايا الحياة وحقائقها.. وكثيرة هي المواقف التي تحتضنها ذاكرتنا وكأنها لقية ثمينة..من منا لايتذكر ذلك العشق الأبدي الذي حمله الينا ماركيز في روايته (الحب في زمن الكوليرا)...ومن منا لم يكتشف بعضا من ذاته في (زهير) باولو كويلو أثناء رحلة بحث بطل الرواية عن زوجته استير....
بعض الأفكار تغّيرنا، تجعلنا نولد فكريا من جديد..نتبدل حسب قراءاتنا وتعمقنا بها...الكلمة المبدعة تخلصك من الخواء الداخلي تبعث في روحك حيوية لاتنضب..تجعلك تعيش أكثر من حياة من خلال تماهيك مع شخصيات روائية تعيش تجاربها مغامراتها..تحلم معها...تحاول أن تبرم معها صفقة طيلة بقائك بين دفتي نصها الروائي...تتفهمها حتى لو كانت مختلفة عنك كليا...لاتقصيها لأن الافكار تجعل منك طائراً مغرداً يمتلك أجنحة التحليق بعيدا..لاشيء أقوى من القراءة يستطيع توليد ذاتنا مراراً وتكرار..لاشيء مثلها قادر على أن يبتكرنا مجددا...
باستمرار نتابع احتفالاتنا الموسمية بالأفكار من خلال عدة مناسبات تعنى بالاحتفاء بالكتاب آخرها قبل يومين (الاحتفال باليوم العالمي للكتاب)..الاحتفالات تستمر.. والاهتمام يستمر.. بشكل آني.. ليعود كل الى موقعه وكأن الهدف الاحتفال بحد ذاته... الكل يتحدث خلال تلك الاحتفالات عن الاهمية العظمى للكتاب وللثقافة وللفكر... ولكن ما أن تنتهي مواسم الاحتفالات تلك..حتى يعود كل الى موقعه...وكأن هناك قطيعة لايمكن الرجوع عنها...
القراءة والتثقيف الدائم هما الحماية التي تجعل الفرد لايخضع لأي تأثيرات أواغراءات لأنه يدرك قيمة الاشياء ومعانيها ولايمكن لأي منها أن تزعزعه عن قناعاته أو تجعله مستلباً.
soadzz@yahoo.com