لا هو تحدٍّ ولا وعد بالانتقام، إنما إنذار العدالة بلعنتهم أينما حلوا وفي أي زمن كانوا.. لعنتهم باسم وطنهم وشعبهم والعالم.
ليس لمذبحة أن يتخفى فاعلوها إلى الأبد.. والتاريخ يقدم عوضاً عن الأنموذج الواحد نماذج متعددة.. لم تبدأ مع ألمانيا الهتلرية ولم تنتهِ مع يوغسلافيا المقسمة.. و لا ترتسم صور المذابح فقط في فيتنام ومركز التجارة العالمية بنيويورك.. والبوسنة.. وأعراس أفغانستان.. وجهود “بلاك ووتر” في العراق وغيرها الكثير، وصولاً إلى مذبحة الحولة الكارثية الشنيعة التي تدين ما نحن فيه، قبل أن تدين مقترفيها.
لن يتخفوا طويلاً وسيعرفون بالاسم بالواحد بالسلاح الذي استخدمه، بالنداء “الأمر” الذي تلقاه. وقتها سيرى أن الهرب من جريمة بهذا الحجم لن يكون سهلاً.
لابد من كشف الفاعلين.. من أي جهة كانوا، بالاسم واحد.. واحد.. ولا تظنوها معجزة، سيكون.. وسيحمّلون وزر فعلتهم وسام خزي على صدورهم إلى الأبد..
أكثر من جهة ستحقق.. أكثر من جهة ستقدم المعلومات.. وأكثر من تحليل جنائي للجريمة النكراء سيكون.. وليس لظرف أحد أن يبرر مثل هذه الفعلة.
سقوط مدوٍ لنا.. للسوريين.. لكل سوري.. انتبهوا كيف ينظر لنا العالم وكيف يعاملنا.. أصبحنا قوماً من القتلة.. نذبح.. نخطف.. ننتهك الأعراض.. ننهب الأرزاق.. وكل منا يصرخ: أنا قبل الجميع.. وحتى قبل شعبي ووطني.
أنا آسف للتعميم.. وأعتذر من جميع الذين تدمي قلوبهم اليوم، مناظر الجثث والدماء.. لكن.. دعونا نعترف أن هذا الدم والقيح وما التم حوله من ذباب وحشرات وما ينشره من روائح كريهة.. هو نحن، لا تحمينا حجة أو إلصاق للجريمة بغيرنا في خارج وطننا!.. من أين عبروا..؟!
من ثغرات في حدودنا أم من أنفاق في ضمائرنا ووجداننا؟!.. من أين عبر أي شخص كيفما كان، وبأي وضعية أو صفة كان، إلى استسهال أن يهدر الدم.. دم أخيه.. بهذا الشكل اللعين ودفاعاً عن ماذا..؟!
ماذا يبقى لدينا لندافع عنه عندما يطوف دمنا بأيدينا..
هل من وطن بلا مواطنين..؟!
هل من دولة بلا شعب..؟!
هل من ديموقراطية بلا إنسانية..؟!
لابد من كشف الجناة.. لابد من وزن الدم السوري المهدور على مدى أربعة عشر شهراً..؟ من أهدره؟ من لم يصنه؟ من لم يحمه!.. ولعله آن الأوان فعلاً لنكف عن أن نلوذ بالصمت.
في بيان صادق مكتوب أو غير مكتوب تعلن أرواحنا أننا لا ولن نسامح الفاعل، كائناً من يكون، ولن نرضى بأن ننتظر أن تصلنا الحقائق، بل سنسعى إليها ولكل منا مقدرته في ذلك، ويوم نمتشق الحقيقة لن يكون لمجرم ستار يحميه من جريمته.
على جنبات الحولة سيتذكر السوريون اليوم وغداً وفي كل يوم قائمة للشهداء والأبرياء الذين رحلوا دون أن يدروا ما الذي يدفعون ثمنه..
وعلى جنبات سورية سيتذكر شعبها الأيدي التي قتلت إذ لا شيء يبرر القتل.. ولابد أن يقف القتل..!!
قبل مذبحة الحولة الرهيبة عنونت لمقال لي: وقف القتل..
بماذا أعنون اليوم..؟!
العناوين كثيرة وسأختار منها اليوم “الحولة”..؟!
as.abboud@gmail.com