تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أما النصوص .. فأوراق وأحبار !!

معاً على الطريق
الثلاثاء 29-5-2012
خالد الأشهب

على نحو متزايد وأكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، يستعيد المثقف السوري اليوم ما كان راكمه من المعارف والثقافات خلال عقود من السنين مضت، وما كان قرأه أو اطلع عليه وحفظه لكثرة ما ردده وحاور الآخرين فيه،

حول دور الثقافة والمثقفين في عملية التغيير والتحديث، ومطابقة كل ذلك مع ما تعيشه سورية اليوم، أو مقاربة ما تعيشه سورية بما لدى هذا المثقف من تراكم معرفي يفترض أنه أنتج أنماطاً ونماذج من طرق ووسائل لأجل تحقيق ذلك التغيير والتحديث المطلوبين.‏

وعلى النحو ذاته تستعيد ذاكرة المثقف السوري اليوم أيضاً ذلك النموذج من «المثقف العضوي» الذي أبدعه وكتب عنه وفيه أنطونيو غرامشي، بوصفه النموذج الذي يحقق أكبر قدر من التواصل والفاعلية بين المثقف والثقافة من جهة أولى، وبينهما معاً وبين المجتمع من جهة ثانية، خاصة أن كلا من المثقف والثقافة منفردين أو مجتمعين، وفي ضوء عملية الإصلاح الجارية في سورية اليوم.. لم يعد أي منهما مادة للترف والحوارات السفسطائية على الأرصفة وفي المقاهي وفي بعض الأروقة الثقافية، التي توهمت وتوهم روادها في لحظة ما أنهم محور العالم وخلاصته المركزة، وأن الذات الإلهية اصطفتهم وأبقت عليهم فوق ثقوب غربالها وادخرتهم لتغير العالم بهم ولهم.‏

اليوم، لم يعد ثمة وقت للتسكع ثقافة أو فكراً.. ولا حتى في المقاهي وعلى الأرصفة، ولم يعد ثمة جدوى لمراكمة المزيد من الثقافات والمعارف فوق ما تراكم منها ويكاد أن يتعفن، ولم يعد ثمة هوامش وأرصفة ومقاهٍ للحياد أو الصمت.. واستخدام حاسة النظر فحسب في تأريخ ما يجري وتسجيل وقائعه كما لو أنه يدور في بلاد الواق الواق، لا وقت لحياد المؤرخ ولا لحكمة الفيلسوف ولا لعزلة المتصوف الزاهد، يمنع كل من انتخب نفسه أو انتخبه الآخرون مثقفاً من أن ينخرط غوصاً حتى أذنيه في نقاش حول ما يجري وحوار حوله، خاصة أن موضوعة النقاش والحوار إياه هي الوطن، وبكل ما تعنيه هذه الموضوعة من فلسفة أن نكون جميعاً أو لا نكون.. جميعاً أيضاً.‏

ثمة لحظات فقط لمحاكمة عقلية يجريها كل منكم بينه وبين ذاته، بين أن يكون مثقفاً عضوياً ملتزماً، مبدعاً ورائداً ومبادراً.. وبين أن يتحول إلى قرص مضغوط على رف مهمل ومغبر أو في جهاز كمبيوتر لا يجيد سوى اللغو والتكرار.. والاجترار !‏

ثمة لحظات فقط ليصوب كل منكم المفاهيم والرؤى، فلا تعود الثورة فوضى من دم وركام بل حياة جديدة متجددة، ولا تعود الديمقراطية صناديق وطوابير وأوراقاً بيضاء بل وعياً وسلوكاً أولاً، ولا يعود الوطن سوق بازارات ومساومات بل حرية وسيادة واستقلالاً !‏

الثقافة والفكر.. والوعي الناتج عنهما متوازيان مع السلوك هو ما يغير الناس ويصنع المستقبل، أما النصوص فأوراق وأحبار ليس إلا !!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2200
القراءات: 2101
القراءات: 2523
القراءات: 2479
القراءات: 2255
القراءات: 2622
القراءات: 2567
القراءات: 2504
القراءات: 2273
القراءات: 2596
القراءات: 2808
القراءات: 2700
القراءات: 2402
القراءات: 2861
القراءات: 2929
القراءات: 3011
القراءات: 2793
القراءات: 3170
القراءات: 3120
القراءات: 3226
القراءات: 2623
القراءات: 3093
القراءات: 3578
القراءات: 3341
القراءات: 3398

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية