تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الانتماء...

خط على الورق
الثلاثاء 29 -12-2015
أسعد عبود

كنت اخترت لهذه المقالة عنواناً «المهزومون» ... حضرني طيف الراحل الصديق هاني الراهب بروايته التي تحمل هذا العنوان ... أظنها الأولى له. أتذكر أنها كانت مفقودة تماماً حين سألته عنها ووعدني بنسخة و كنا في زيارة لا تنسى له في قريته «مشقيتا».

ظل لـ «المهزومون » وقعها الخاص عندي رغم جدارة ما أبدعه بعدها .. ألف ليلة و ليلتان ... الوباء ...رسمت خطاً على الرمال ... وغيرها.‏

لا شيء يربط هذه المقالة الصحفية برواية هاني الراهب إلا العنوان الذي كان المهزومون فغيرته إلى ما ورد.. أفترض أن الكثير منا يخبئ مشاعر ما كلما أعلن انتماءه للوطن. ثمة خروق حصلت على انتمائنا له فابتدعنا انتماءات أخرى تساعدنا على تحمل احساس مرّ أصابنا الظلم ... شعر أنه مهزوم لهذا السبب أو ذاك ... ولعديد من الأسباب عاش مع احساس بشبح الهزيمة يتحداه. فانتمى لرايات تعلو على راية الوطن .. انتمى للمعتقد ... انتمى لقوم أو فئة ... أو انتمى للسفر .. أو للصخب و الهيصة و ترداد سجع الكلمات الحماسية متخيلاً انه النضال .. فكان النضال الذي أوصله إلى جيبة الوطن و أوصل الوطن إلى جيبته على قاعدة النسبية ؟!‏

لا شيء غير مشروع .. لكل انسان كل الحق أن يختار انتماءه .. لكن الانتماء لغير الوطن يترك الفرد بلا وطن وهي الهزيمة معلنة ومعترف بها.‏

ليس في ذلك اتهام ما، أوجهه لأحد ما .. إنما هي محاولة لقراءة واقع مهزوم تفشت آثارُ تشي به في كل كياناتنا الشخصية و الاجتماعية و الثقافية. هذا الواقع الذي اتحدث عنه لم يكن أبداً رهناً بالانفجار الكبير الذي حدث في حياتنا متمثلاً بالأحداث التي يعيشها ... بل له قاعدته الكامنة في كياناتنا المتمثلة بانتماء ما لغير الوطن وهو كيفما كان وأينما حلّ انتماء للهزيمة.‏

الكراهية التي انفجرت في الشرايين السورية ففجرت معها كل انتماء هي انتماء لهزيمة معاشة ولا ريب. و ما الاقبال على هجر الوطن والبحث عن مخرج بعيد عنه إلا هزيمة أو فرار من الهزيمة إلى هزيمة أخرى و ليس لأحد أن يلوم أحداً آخر.‏

صحيح أن ثمة أسباب امنية و اقتصادية طارئة فرضت شروطها على حياتنا جميعاً بل على حياة كل منا ... ولا يلام من وجد لنفسه مخرجاً ما ولو كان بعيداً عن وطنه ... لكن في ضمائرنا تحيا مشاعر الهجرة تحت راية « هوا السفر « هرباً من الهزيمة ... أو بحثاً عن وطن. وفي كلا الحالتين هو انتماء للهزيمة.‏

لا وطن في مهجر ، لمن لا وطن له قادم منه و إليه قد يعود. ولا رحمة ستنزل بالذين غادروا تحت قصف تراكم الانتماءات و الجريمة، إلا الرحمة في الوطن الذي ينتظر عودتهم.‏

هي الهزيمة التي يجب أن ننتصر عليها داخلياّ و خارجياً ابتداء من الفساد و الإدارة الفاشلة المرتكبة و انتهاء بجحافل الإرهابيين ومن معهم وخطأ أو عن قصد يشجعهم.‏

as. abboud@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أسعد عبود
أسعد عبود

القراءات: 646
القراءات: 948
القراءات: 931
القراءات: 906
القراءات: 955
القراءات: 992
القراءات: 999
القراءات: 980
القراءات: 1074
القراءات: 1089
القراءات: 1023
القراءات: 1066
القراءات: 1039
القراءات: 1078
القراءات: 1335
القراءات: 1218
القراءات: 1122
القراءات: 1142
القراءات: 1201
القراءات: 1201
القراءات: 1209
القراءات: 1229
القراءات: 1223
القراءات: 1277
القراءات: 1279

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية