وكالعادة تجاهلت هذه القوى كل القيم التي تتشدق بها أمام شعوبها والمجتمع الدولي وكشفت بشكل فظيع عن أنيابها ومطامعها ضاربة بعرض الحائط حياة شعوب المنطقة وأمنهم واستقرارهم وتأثير ذلك على العالم أيضاً.
فحتى الآن... انطوت المواقف الغربية على أنانية قاتلة في التعبير عن حماية المصالح وبدت التحركات السياسية على المستوى الدولي منقسمة على توزيع كعكة المصالح وحصة كل جهة وليس المحافظة على أرواح المدنيين الذين يدفعون الثمن يوماً بعد آخر.
من الطبيعي أن تبحث القوى الغربية عن سبل الحفاظ على مصالحها وخاصة أن نظامها السياسي والاقتصادي مبني على هذا الأساس ولكن ليس على حساب أرواح المدنيين أواستغلال واستثمار الأحداث لحصد المزيد من المكاسب دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح وحقوق الدول الأخرى أوغير المستقرة.
مع الأسف هذه القوى الاستغلالية لم تحاول في يوم من الأيام إعادة النظر بسياساتها وتحمل جزء من أعباء هذه السياسة في الشرق الأوسط التي كان دورها أساسياً في وصول الأوضاع إلى ما هي عليه الآن وهاهي تكرر نفس الأخطاء وتتسابق فيما بينها لإملاء الفراغ في أماكن التوتر لتحقيق المكاسب وفرض سياسة الأمر الواقع مستغلة إخلاء الساحة تماماً من الجانب العربي المكتفي بحالة الانتظار إلى ماستؤول إليه الأحداث، علماً أن الفرصة متاحة أمام القيادات العربية لاستعادة زمام المبادرة وقيادة الشعوب لرسم مستقبلها بعيداً عن التدخلات الأجنبية التي أرهقت دول المنطقة على مدى القرن الماضي.
مابدر عربياً إزاء التطورات في المنطقة غير مطمئن على الإطلاق ويفتح المجال أمام تدخلات أجنبية خطيرة قد تؤدي إلى سفك المزيد من الدماء وما اتخذته الجامعة على هذا الصعيد ليس له أهمية على أرض الواقع والمستقبل ولابد من خطوات توازي المطالب الشعبية برفض التدخلات الأجنبية والحرص على السيادة الوطنية والمصالح القومية.
إن الاكتفاء العربي بتحذير الدول الغربية من عواقب تدخلهم في شؤون المنطقة على أمنه واستقراره هو دعوة غيرمباشرة لهم للتدخل متذرعين بالسعي للحفاظ على مكتسباتهم الأمنية والاقتصادية وليس أمام العرب أي خيار سوى الانتقال من حالات التحذير والانتظار والترقب وتقليد النعامة إلى العمل والفعل وتلبية مطالب الشعب والفرصة اليوم مضمونة أكثر من أي وقت مضى كونها نابعة من الجماهير المتطلعة لبناء دول مستقلة حرة .