وتشكل الخطة الاقتصادية الخمسية المرجعية الاساسية لتنفيذ وتقييم النشاط الاقتصادي على المستوى الكلي والجزئي وتحديد نقاط النجاح والاخفاق وتوضيح الرؤية المستقبلية لكيفية تحقيق الاهداف المنشودة بتوفير شرطين اقل تكلفة وزمناً واحسن نوعية ويجب ان تتميز هذه الخطة عن الخطط السابقة من خلال النقاط التالية:
1- انها اول خطة تأتي بعد اعتماد نهج اقتصاد السوق الاجتماعي الذي تم اعتماده في المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الاشتراكي في حزيران عام 2005 وبالتالي يجب ان نسأل ماذا تحقق من جوهر هذا النهج الاقتصادي الجديد ولماذا لم يتحقق؟! ولا سيما ان جوهره يعتمد على تحقيق التوازن بين كل القطاعات الاقتصادية من خاص وعام ومشترك ويركز على التوافق بين دور الدولة وتوجهاتها ودور الاسواق وانطلاقتها.
2- ان جوهر اي منظومة اقتصادية يتركز في الاجابة على الاسئلة التالية:
ماذا ننتج ؟ وكيف ؟ ومتى ؟ وهذه أسئلة تقنية وليست ايديولوجية ويجب ان تتم تحت الخيمة الوطنية بتفاعل خلاق بين القطاعات والفعاليات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، للوصول الى تحقيق الكفاءة الاقتصادية التي تتجلى في الاستغلال الامثل للموارد المتاحة سواء كانت مادية ام مالية ام بشرية والانتقال بالمجتمع نحو مستوى افضل من خلال زيادة فعالية استغلال هذه الموارد المحدودة بشكل اقتصادي لاشباع الحاجات المتجددة والمتزايدة للسكان.
3- يجب تقييم ما طرحته الخطة الخمسية العاشرة ولا سيما ان من اهم مزاياها انها اعتمدت على لغة الارقام واعتماد النمذجة الاقتصادية ، وبالتالي يجب ان نسأل بمرارة لماذا تراجع الانتاج الزراعي؟! ولماذا لم نحقق معدل النمو الاقتصادي المنشود والذي يجب ألا يقل عن 8٪ سنويا او ما يعادل ثلاثة امثال معدل النمو السكاني ؟! ولماذا لم ترتفع نسبة مساهمة الصناعة التحويلية في اجمالي الناتج المحلي الاجمالي وبقيت اقل من 9٪ علما انها يجب ان تعوض عن التراجع في الايرادات النفطية وان تكون بديلا عنها في المستقبل وان تثور القطاعات الاخرى من خلال تشابكاتها الامامية والخلفية والعمودية والافقية مع كل القطاعات الاقتصادية.
4- يجب وضع خطة لمواجهة تداعيات الازمة المالية العالمية وهزاتها الارتدادية ولا سيما انها تتعمق يوما بعد يوم وكمثال على ذلك افلاس كبرى الشركات البريطانية مثل شركة الطيران وبنوك متعددة وتداعي المصارف الامريكية بما يشبه لعبة الدومينو وفشل قمة الدول العشرين وبعدها دول الثماني الصناعية الكبرى في اجتماعاتها المتكررة ..الخ.
والمخرج الوحيد برأينا في إمكانية التأثر بهذه الأزمة ونقل تداعياتها الى الاقتصاد السوري هو تفعيل اقتصادنا وتقويته وزيادة مناعته تجاه الصدمات الخارجية وتحديد الأولويات والتركيز على قطاعات الانتاج المادية وخاصة الزراعة والصناعة دون اهمال القطاعات الاخرى.
5- تفعيل دور الدولة وتحول دور الحكومة من دور وصائي إلى دور تنموي وزيادة تدخلها بالشؤون الاقتصادية سواء بشكل مباشر عن طريق مؤسساتها وشركاتها وتفعيل القطاع الحكومي العام او عن طريق غير مباشر من خلال سياستها المالية والضريبية ولا سيما ان كل الدعوات للتقليل من تدخل الدولة قد باءت بالفشل واصبحت الدعوة الى يد مرئية بدلا من يد خفية تنطلق من كبرى الدول الرأسمالية ولهذا فإننا ندعو الى الاسراع باصدار قانون اصلاح القطاع العام الصناعي وزيادة الموازنة الاستثمارية وتدخل الدولة المباشر وغير المباشر.
6- اعطاء الاهمية الكبرى لزيادة معدل الاستثمارات ونقصد بها ( النسبة الكائنة بين قيمة الاستثمارات والناتج المحلي الاجمالي) والتركيز على تحويل الادخارات الوطنية الى استثمارات مع ضرورة التوجه لزيادة الاستثمارات العربية والاجنبية وخاصة ان الاستثمارات هي الحامل الحقيقي لعوامل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. .. الخ .
7- قد يكون من الامور المبشرة بالخير هو دعوة خبراء وطنيين متخصصين من قبل هيئة تخطيط الدولة وبتوجيه من الحكومة لمناقشة ووضع رؤية استراتيجية وتحديد الخطوات الاساسية في وضع الخطة الحادية عشرة والاصرار على عرضها على كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وهذا عامل اساسي من عوامل النجاح ونرجو ان يتكرر ذلك في كافة الظواهر الاقتصادية الاخرى.