ومع توجه الدولة نحو اقتصاد السوق تبرز قضية حماية المستهلك كإحدى الأولويات لاسيما في المرحلة الانتقالية من نمط اقتصادي إلى نمط آخر .. ولا يمكن لهذه القضية أن تجد حلولا دائمة وعادلة إلا باستكمال منظومة تشريعات وقيم وسلوكيات ( اقتصاد السوق الاجتماعي ) المنتظر .. ولهذا نأمل من الحكومة تسريع وتيرة الانتقال مهما وجدت من صعوبات لقوى وفعاليات مستفيدة من الأوضاع السابقة ولا يهمها التغيير لأنها ستفقد مصالحها التي نمت كمظاهر طفيلية على هامش مرحلة التنمية في المرحلة السابقة ..
وتجربة العام الماضي ومطلع هذا العام هي الشاهد الأبرز للسيطرة على جانب هام من التجارة الخارجية لاسيما للسلع الغذائية من قبل بعض التجار المحتكرين ( الحيتان الكبار ) على حساب التجار الصغار والمواطن هو الذي دفع الفاتورة ..
وصار معروفا لدى عامة الناس أن كثيراً من السلع الأساسية كالموز والسكر والرز وبعض أنواع الخضار ...و ..و.. نظريا متاحة للاستيراد للجميع وعمليا يتحكم بها قلة من التجار لا يتجاوز عددهم أصابع اليد وعندما يحاول تاجر صغير أن يستورد فإن مصيره الخسارة ولهذا لا يتجرأ على المخاطرة .. ولهذا ليس غريبا أن نشاهد بعض أسعار السلع تفوق في كثير من الحالات الأسعار العالمية ..
وإذا كان الإنتاج الغذائي المحلي لاسيما الزراعي هو الملجأ الآمن للمواطن ويناسب دخله فإنه لا مفر من الحاجة إلى مواد غذائية مستوردة ولهذا فإن الأنظار تتجه نحو قانون منع الاحتكار الذي أصبح جاهزا للصدور و ينص على تشكيل الهيئة الوطنية لحماية التنافس والتي تنطبق قوانينها على الجميع ولا تستثني أحدا ..
ولئن كانت الحكومة قد أظهرت جديتها نحو هذا التوجه وأكدت في أكثر من مناسبة على حزمة من الإصلاحات لسياسات التجارة الداخلية والخارجية لتحقيق المنافسة وإزالة الروتين مشيرة إلى أن دور الدولة الناظم لعملية المنافسة ينطلق من إلغاء الاحتكارات عامة كانت أم خاصة إذ لا يعقل أن نتحدث عن منافسة ونسمع بشركة أو تجمع يحتكر إنتاج أو تسويق خدمة أو سلعة معينة .. فإن المطلوب لاسيما بعد مرحلة انتخابات مجلس الشعب ألا تنسى الحكومة ومعها مجلس الشعب الجديد هذا التوجه كأحد الأولويات لضبط الأسواق لما فيه مصلحة الوطن والمواطن ..