وربما تكون واحدة من اغرب واندر المصادفات في التاريخ ان يقف بوش اليوم مهددا الكونغرس باستخدام الفيتو ضد مشروع قرار يربط تمويل الحرب(التي لم تتوقف) بوضع جدول زمني للانسحاب من العراق.
واذا كان الكونغرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون يعد المؤسسة التشريعية الاولى في الولايات المتحدة , ويرفض بوش الانصياع لقرارها بحجة انه لايمكن للديمقراطيين ان يشرعوا لهزيمة اميركا, فان مايريد الرئيس الاميركي قوله لايعكس سوى رؤية ضيقة لقيصر يهوى الحروب ويعشق مشاهد الدم والدمار.
فإذا كان رأي الديمقراطيين يعكس نصف الحقيقة ليس إلا , فانه مما لاشك فيه ان رأي 66 بالمئة من الشعب الاميركي الذي يؤكد ان ادارتهم تسلك الطريق الخطأ, ورؤية 55 بالمئة من هذا الشعب ان اميركا ستخسر الحرب تعكس نصف الحقيقة الآخر وربما كلها.
وامام رأي الاغلبية الديمقرطية هذه , ورؤية اكثرية الشعب الاميركي تلك يكون من غير الجائز لهذه الادارة ان تقف لتقول اي شيء اخر سوى قبولها بتحقيق رغبة الاغلبية التشريعية والاكثرية الشعبية , فكيف يكون الامر والحال بها تقف لتكذب مجددا باسم الديمقراطية وتدعي ان ثمة ديمقراطية ناشئة في العراق ينبغي مساعدتها , وثمة ميدان رئيسي للحرب المزعومة على الارهاب هو العراق يجب عدم الهروب منه??!!.
ان قول البيت الابيض بان القانون الجديد هو تشريع انهزامي يحدد تاريخا للاستسلام لابد للرئيس من ان ينقضه , هو قول يعاند الحقيقة والواقع, ذلك انه تشريع منطقي وواقعي , بل انه يمثل فرصة حقيقية لتغيير مجرى الحرب وفرصة متاحة لايجاد مخرج من الورطة والمستنقع الذي علقت به ادارة بوش بعد ان اهدرت فرصاً اخرى كان اخرها ما اقترحته لجنة بيكر هاملتون ... فهل يوفر بوش على الديمقراطيين عناء العمل لحشد ثلثي اعضاء الكونغرس لابطال مفعول الفيتو الذي يهدد به , ام انه مصمم على رؤية خواتيم معركة لي الاذرع وكسر العظم التي افتعلها مع الديمقراطيين?!.