وفي واقع الامر لم تكن الكثير من الحكومات والشعوب ومنها الشعب الاميركي بحاجة لصدور تقرير بيكر كي يتبينوا ويتثبتوا من حقيقة فشل السياسة الاميركية وتداعي استراتيجية الكذب والاوهام التي تتبعها , لكن السؤال الذي يطرح : كم تحتاج الادارة الاميركية من ادلة كي تقتنع وتقلع عن سياستها الكارثية?!.
في البدء سقطت سريعا الادعاءات الكاذبة التي سيقت حول العراق , وادى هذا السقوط لاعترافات خطيرة ولاستقالات متلاحقة في واشنطن وسط تواصل وتزايد الانتقادات الدولية , لكن بوش بقي يتحدث عن النصر وضرورة اكمال المهمة التي بدأها.
وتدنت شعبيته الى مستويات غير مسبوقة , وانقسم الاميركيون , وتفاقمت المشكلات في المنطقة والعالم وبقي بوش على تعنته وخطابه المكرور , ثم اتت الهزيمة المدوية للحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس فماذا كانت النتيجة سوى ان بوش اقر بضرورة تغيير المسار والحاجة الى رؤية جديدة!!.
اما وقد استبعد بعض المحيطين بالرئيس بوش تغييراً جوهريا في سياسته بعد صدور تقرير بيكر هاملتون , فذلك مايؤكد ان ادارة بوش ومجموعة المحافظين الجدد لم يدركوا بعد ان المسألة تتجاوز حدود الحكم على التقرير من انه كان قاسيا او موضوعيا , ولم يدركوا بعد انه لم يتبق امامهم الكثير من الخيارات , وان اوهام النصر التي يتحدث عنها بوش اقفل التقرير اي حديث عنها وذهب بها الى غير رجعة.
ان الادارة الاميركية التي بدأت تتلاشى قدرتها على اتخاذ القرارات مدعوة اليوم للخروج من حالة الانكار التي تسيطر عليها , وللاقرار بانها أسهمت بتشويه صورة بلادها واظهارها كقوة متغطرسة لاتؤمن بالتعاون الدولي ولابالديمقراطية التي تتغنى بها ,وعليها ان تتخلى عن اوهام الشرق الاوسط الجديد وما اليه , وان تعمد الى تصحيح الاخطاء والاخفاقات في العراق وفلسطين ولبنان وافغانستان وجميع الملفات الدولية قبل فوات الاوان.