فإن مؤسسات التدخل الإيجابي غير قادرة على إغراق السوق بكل متطلبات الناس و بالأسعار المعقولة من جهة، وعدم قدرة هذه المؤسسات على منافسة هؤلاء التجار و الباعة كونهم يستطيعون وفي أي لحظة يريدون إغراق السوق بشتى المواد التموينية المسموح بها والممنوعة، و في ذات الوقت هم قادرون على منع ذلك من جهة ثانية..
طبعاً الحديث عن الأسعار و الغلاء و تأمين المواد التموينية يقودنا إلى ذكر هيئة المنافسة ومنع الاحتكار، هذه الهيئة التي تعترف بوجود قلة من التجار تحتكر السلع الأساسية، وهذه القلة مع تحفظنا على الكلمة إنما تشكل «مافيا» على حد قول رئيس الهيئة بكل ما تعنيه الكلمة، لكن طالما هناك اعتراف بوجود قلّة تحتكر وتفرض الأسعار التي تريد فما هو المطلوب من الجهات المعنية وعلى رأسها الوزارة المختصة بكل مؤسساتها لمعالجة هؤلاء المحتكرين أو لنقل ما هي الإجراءات المتخذة بحق هؤلاء المحتكرين الذين أشار إليهم رئيس الهيئة وهو باعتقادنا يعرفهم جيداً..؟!
المسألة إذاً ليست مجرد تبيان الأسباب لحالة أسعار المواد الموجودة في أسواقنا والمحتكرين لها وحسب، المسألة بحاجة للمعالجة الصارمة التي نريدها ألّا تقتصر على «القلّة»، لأن المحتكرين هم مجموعة تجار يسيطرون على السوق.. ويصدق من يصف هؤلاء التجار بأنهم «مافيات» المواد التموينية وهذه «المافيات» لا تنشط إلا في الأزمات لأنها تستغل حاجة الناس، ونعتقد أن اقتراح الهيئة بتدخل الدولة كتاجر كبير لكسر احتكار الأسعار من قبل القلة هو اقتراح وجيه يأتي تماشياً مع الظروف التي نعيشها للحد من الغلاء الفاحش، مع الأخذ بعين الاعتبار ضمان انسياب السلع للمستهلكين وبخاصة ذوو الدخل المحدود من خلال وضع تسعيرة تنافسية نجد من خلالها أن مؤسسات التدخل الإيجابي أصبحت ذات فاعلية في السوق من خلال وجود المواد الأساسية من جهة، والسعر المعقول من جهة ثانية..
في مجمل القول: إن سياسة التسعير فيما لو توفرت لها مقومات النجاح التي يأتي في مقدمتها وجود مراقبين أكفّاء يعملون بوحي من أخلاقهم ومسؤوليتهم الوطنية ستؤتي نتائج إيجابية في الحد من الغلاء المستفحل في السوق من جهة، ومنع الاحتكار من قبل التجار والباعة من جهة ثانية، ونعتقد جازمين أن التجارة الداخلية وحماية المستهلك تنتهج خطة في هذا الإطار لوضع الحد اللازم للمتلاعبين والمحتكرين وتطبيق أشد العقوبات بحقهم.
asmaeel001@yahoo.com