وما الدهر الا من رواة قصائدي
إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
وكان له ما أراد , لكن لم يتحقق للشعر الحديث هذا المستوى من حفظ الناس له , ونظرة عجلى إلى الوراء نجد أنه عندما ظهر الشعر الحديث شن زعماؤه حرباً ضروساً على الشعر القديم ونعتوه بكلمة غير عربية فأسموه الكلاسيكي , وظلت هذه الكلمة متداولة بين النقاد حتى نسينا الكلمة العربية المرادفة لها .
والآن بعد عدة عقود من الزمن يسألونك عن سر احتفاظ الذاكرة بقصائد القدامى , ولا يتذكرون شيئا من الشعر الحديث رغم شهرة أعلامه , فما بال الأجيال حفظت تلك الأشعار , وذهبت أشعار المحدثين إلى زوايا النسيان ? هل المشكلة في الشعر أم الشاعر?
بعد إنعام النظر نجد أن نوعية الشعر لها الدور الأهم في حفظ القصيدة , ثم تأتي بعد ذلك المسألة الجوهرية وهي دخول القصيدة إلى النفس والوجدان .
لم يرسخ في أذهاننا شيء من الشعر الحديث عدا بعض قصائد السياب ودرويش والقاسم لكن نحفظ كثيرا للمعاصرين أمثال نزار قباني وعمر أبي ريشة وبدوي الجبل , ولا تزال قصيدة يوسف الخطيب التي ألقاها من شرفة الضيافة في منتصف الستينيات ترن في اسماعنا وتتداولها منتديات الأنترنت حتى الآن ومطلعها : أكاد أومن من شك ومن عجب
هذي الملايين ليست أمة العرب
لقد عرف القدماء الشعر ( الكلام الموزون المقفى ) ولم يدخلوا في محتواه لأنه من البديهيات أن لا يعد الإنسان نفسه شاعرا إذا لم يقل شعرا يدخل في أعما ق الناس ووجدانهم , وقد اختصر شوقي تعريف الشعر عندما قال :
إذا الشعر لم يهززك عند سماعه
فليس حريّاً أن يقال له شعرُ
وفهمكم كفاية !!