فيما الأيادي الإسرائيلية تتداخل مع الداعمين للإرهاب والممولين الإقليميين والدوليين على حد سواء لتشبيك المواقف وتنسيق الخطط والإشراف على التنفيذ.
ما كان استنتاجاً أو تحليلاً أو ترجيحاً لمعلومات تتسرب من خلف الكواليس حول ماهية العلاقة القائمة وأشكال التمازج في الدور والجهد، بات واقعاً تمليه الحقائق وتفرضه المعطيات التي تجول في سراديب السياسة، وتتراكم في تقارير الإعلام..وصولاً إلى الإشهار العلني الواضح والصريح بجذر العلاقة والتورمات الدعائية والاستطالات الاستعراضية التي تخط رسائل تبجح غير مسبوقة في القرائن والأدلة على المسار الذي تسلكه.
في جوهر المعطيات، التناغم في الأهداف لم يكن غائباً ولا هو خارج التداول، بل ثمة إشارات لا تحتمل اللبس ولا تقبل التأويل عن ذلك التناغم والانسيابية في تحديد الأهداف وغاياتها، وتسلسل العلاقة وإعادة التموضع وفقاً لما وصلت إليه مستويات التنسيق العلني والسري على حد سواء.
وتعود البداية الفعلية إلى عقود خلت، حين كانت إسرائيل المستفيد الأول والدائم من وجود الإرهاب ومن كل الأعمال الإرهابية التي أقدم عليها تنظيم القاعدة وتوابعه لاحقاً ومشتقاته حالياً، وتم تحييد إسرائيل عن أي استهداف.
وجاءت التتمات اللاحقة لها لتكشف عن جذر العلاقة بين الدول التي أنتجت الإرهاب بلبوسه «الوهابي» وجذره «القاعدي»، وبين إسرائيل، كما توضّح الارتباط بين إسرائيل والدول الداعمة للإرهاب، وإذا بدت في بعض المراحل طي الكتمان وخارج نطاق التداول فإنها ظهرت بكل تفاصيلها في الأحداث التي شهدتها سورية، بعد أن وصلت المحاولات جميعها إلى الطريق المسدود.
واللافت، هذا التعمد الإسرائيلي في إظهار هذه العلاقة واتخاذها منبراً لتوجيه التهديدات يميناً وشمالاً، والتي تتجاوز من حيث الشكل والمضمون الرسائل المباشرة المعتادة، وتتجه إلى تسطير إفادات أولية بأن التلويح الإسرائيلي ورقة من أوراق الضغط السياسي والإعلامي، وإشهارها في هذا الوقت للدلالة على أن الأصابع الإسرائيلية تحوم حول الزناد، بعد أن شعرت بأن أذرع الإرهاب تلتوي وتتكسر، فيما الدول الراعية تتلوى من طعم الهزيمة في السياسة ومن مرارة الخيبة على الأرض.
لسنا بوارد إحصاء المؤشرات الدامغة على التورط الإسرائيلي فيما يجري، خصوصاً أن الأهداف المنتقاة من قبل الإرهابيين ورعاتهم وداعميهم، تتقدم على كثير من التمنيات الإسرائيلية!! لكن في سياق التدافع الإعلامي والتهويل السياسي تحضر جملة من المؤشرات الإضافية التي تتوازى في خطوط تقاطعها مع التحضيرات على الأرض، وبروز عوامل التنسيق الإسرائيلي السعودي والتورط الأردني على جبهات الإمداد والاحتضان والمقرات ومعسكرات التدريب، لتكون في الواجهة بعد أن اعتادت التلطي خلف الكواليس وفي الغرف المغلقة.
وعلى الجبهة ذاتها أو بالتوازي معها كان العامل الإسرائيلي حاضراً منذ بداية التخطيط، لكن كان دائماً هناك من يشكك، وهناك من يستبعد، واليوم تتحوّل الشكوك إلى أسئلة استنكارية، والاستبعاد إلى إجابات مبهمة وغير مفهومة لتفسير هذا التسارع في تحريك الأصابع الإسرائيلية وإظهار مساحات التقاطع ونقاط التشابك مع أذرع الإرهاب.
وهنا الفارق.. حيث لا اختلاف في الجردة النهائية بين ما كان قائماً وبين دخول إسرائيل العلني على الخط، وانكشاف أدوار الدول الوظيفية من الأردن إلى السعودية.. ومروراً بباقي مشيخات الخليج، حيث النفي المضحك لتلك الأدوار والنفاق في تداول المعلومات، وأخيراً اعتبار أن فكرة الوطن البديل مجرد أوهام، ويبدو أن لملوك الدول الوظيفية أوهامهم الخاصة، كما لأمراء المشيخات أضغاث أحلامهم، ولكل منها مقاسه وزمانه وطريقة إخراجه، وكم كان فضفاضاً حيث أخفى بين ثناياه الكثير من صور التآمر البغيض الذي يفيض اليوم على الملأ دعماً وتفريخاً للإرهاب واستقواء بإسرائيل وأعداء الأمة.
a.ka667@yahoo.com