أم إن افتتاحها لها هو فعل متعمّد يعتمل بذاته لزوم استمرار سطوتها وسيطرتها ونهبها وابتزازها الذي تمارسه في أربع جهات الأرض؟.
أغلب الظن أن في اشتغال واشنطن على فتح هذه الجبهات، وفي افتعالها الأزمات المتعددة على مستوى العالم، تكمن الإجابة الكاملة عن السؤالين السابقين والتي تؤكد أنّ أميركا كدولة وإمبراطورية تمثل قطب الشر الأوحد الذي لا يمكن أن يعيش إلا على الفتن والحروب والأزمات التي يصنعها ويفتعلها، ليبدأ شوطاً أكثر شراً من فعل الصناعة والافتعال الذي يجيده يتمثّل بمحاولة إدارة وتوجيه هذه الأزمات بما يحقق الغايات الإمبريالية التي لا تنتهي.
من الصين إلى فنزويلا إلى أوكرانيا مروراً بمنطقتنا تتعدد جبهات التفجير، وتكثر ملفات التّسخين التي تشتغل عليها دوائر الخارجية الأميركية وأجهزة استخباراتها، والتي تترك آثاراً غاية في السلبية على الأمن والسلام والاستقرار العالمي، وهو الأمر الذي يثبت أن واشنطن في عبثها هذا لا تقيم وزناً حتى لمصالح الحلفاء في أوروبا وكندا وأستراليا، وبالضّرورة لا تقيم للأدوات الرخيصة في الخليج مثل هذا الوزن، وهو ما ينبغي أن يدفع حكومات وشعوب العالم لإحداث فرق في الأداء من شأنه إمّا أن يوقف السلوك الإمبراطوري الأميركي الشّرير، أو أن يسدي له خدمة تسرّع في انهيار إمبراطورية الشر.
منذ تفكك الاتحاد السوفياتي السابق وتفرّد الولايات المتحدة بالنظام العالمي بات العالم أقل أمناً واستقراراً بسبب السياسات الأميركية المدمرة، وقد بات من الثابت أن حروب أميركا وسياستها العبثية أنتجت الكوارث وفقط الكوارث في الشرق والغرب وفي الشمال والجنوب على حد سواء بفعل استخدام فائض القوة والنفاق والعنجهية والدجل الذي تمتلكه، فما الذي يجعل العالم مستكيناً خاضعاً لها؟ ومتى يجعلها تدفع أثمان عبثها بأمنه واستقراره، وقد ساء ما تحكم وتظن بالدليل القاطع؟!.
ليس صحيحاً أن الشعوب مغلوبة على أمرها، وليس صحيحاً أن الحكومات مسلوبة الإرادة ومرغمة على الاستسلام لرغبات واشنطن ومن خلفها لإرادة الصهيونية العالمية ومخططاتها ، وإذا كانت الشعوب و»الحكومات غير المصّنعة» تحتاج المنبه الذي يوقظها على الحقيقة، وتحتاج الحافز الذي يحرّضها على فعل المقاومة والمواجهة، فحسبها التجربة السورية الحالية مع أميركا والصهيونية، وحسبها التجربة الفنزويليّة .. وكذلك الكوبيّة والإيرانية.
في هذه النماذج من تجارب الدول والشعوب ذات السيادة المستقلة والإرادة الحرّة ما يثبت قبح وبطلان وسوء الفعل والادعاء الأميركي من جهة، ويثبت من الجهة الأخرى قوة هذه الدول والشعوب، وعدالة قضيتها وصوابية نهجها في المقاومة والمجابهة، ولنا أن نتصور حال ومصير إمبراطورية الشر الأميركية لو امتلكت باقي شعوب وحكومات العالم إرادة التحرر من سياسات السطو والنهب والمصادرة التي تمارسها إدارة الشر الأميركية ضدها!!.
لم تكتف واشنطن وربيبتها «إسرائيل» بسوءات الفعل بافتعال الحروب والأزمات في العالم وبتهديد أمنه واستقراره، بل ساء ما تظن في رهانها على بقاء الشعوب خاضعة مستكينة، وبئس الظن اعتقادها بأنها لا تعجل بزوال إمبراطوريتها إذا ما استمرت في قهر الشعوب ونهبها.