تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الهدّامون

آراء
الخميس 13-9-2012
ديب علي حسن

العلم التجريبي سيّد العلوم، والتجريب أساس لأي تقدّم حقيقي وربما من هنا كان القدماء يقولون من جرّب المجرّب عقله مخرّب، بمعنى آخر، لماذا تعيد إجراء تجربة فاشلة أكثر من مرّة، وبالشروط نفسها والتوقيت نفسه، لماذا تتعامل بالأسلوب نفسه،

مع الأشخاص أنفسهم.. وتأسيساً على ذلك يردّون على من يقول: فلان جيّد ومتميز، وابن حلال...و.. بقولهم: هل جرّبته..؟ والتجريب حسب أمثالنا الشعبية التي هي اختزال لتجربة تقول: إذا أردت معرفة معدن أحد ما.. فجربّه بأمرين: اعطه مالاً كثيراً يجعله غنياً، أو سلّمه موقع قيادة، ضعه في منصب ما... وتعامل معه وحينئذ جرّبه... وبعد ذلك ليكن الحكم..‏

ترى ماذا لو جرّبنا هذه المقولة على أنفسنا والكثيرين ممّن نعرفهم وصاروا أثرياء، أو تسنموا مراكز قد لا تكون مسؤولية مهمة بالمعنى الحرفي، وإن كان كل عمل مسؤولية ملقاة على عاتق من يقوم به ماذا لو فعلنا ذلك..؟‏

هل نصاب بخيبة الأمل ونتمنى لو أننا لم نفعل أو أنهم بقواهم لم يصلوا إلى الجاه والمال وبقوا هم أنفسهم الذين نعرفهم، ونردد «الفقر نعمة» ؟‏

وبالتأكيد سنخسر بعضهم وسنربح آخرين لأنهم من معادن أصيلة وحقيقية.. أحد الأصدقاء ممّن أعرفهم كانوا مشردين في الأزقة طفراً من الفقر وديون الأصدقاء.. كان يعرف أن الكثيرين يفرون من دربه حين يرونه..المهم أن الزمان جاد له بجائزة كبرى وصار صديق من لم يكن يطيق رؤيته وعلّق هو ساخراً بقوله أمّر قرب مجموعة من المعارف لا أسلم أرفع يدي إلى شعري، فيظنون أنني أحييهم والكل يرد بصوت عال، في حين كنت سابقاً أرفع صوتي بالسلام، ولا أحد يكلّف نفسه عناء حتى الالتفات..‏

ومن باب تغير الأحوال بزيادة الأموال.. ماذا عن التجريب، ماذا عن الهدامين الذين يقولون إنهم يجربون..؟‏

في الحديث عن ذلك شجون وآلام، فهل تمعّن أحدنا بفلان أو فلانة أو.. الذين عبروا سلالم المواقع المهمة كيف يهدمون من أجل الهدم .‏

كل واحد منهم يأتي ومعوله بيده لا ليجتث اليابس في المكان ويعطي القوة للحياة، بل ليقطع يد من يعمل، بسلاح يحمله باسم أنه صاحب القرار... الأصحاب والأحباب جوقة لا بدّ أن تكون محيطة به على أساس (هذا العراق بستان لنا)..‏

يهدمون كل ما تم بناؤه وعلى أساس أنهم يؤسسون من جديد.. وما يكادون يهدمون ويضعون مدماك الأول حتى يأتي من يحل مكانهم ليفعل الأمر نفسه، ونبقى ندور في نقطة الصفرلا أحد يرحم أو يصلح، الكل يريد أن نبدأ من الصفر ، لا نبني على ما تأسس أو تراكم، حق الجميع التجديد والتغيير والتقدم والتطوير ولكن لماذا عليّ أو علينا أن نقبل العودة إلى نقطة الصفر..؟ أين مقاييس النجاح والأداء المهني في كل مكان..؟ أعرف أن في معظم مؤسساتنا ما يسمى (لجان مهنية) غالباً هي في سبات أهل الكهف لا تستيقظ إلا نادراً..‏

وماذا لو أن كل جهة ما، إدارية أو غير إدارية، راقبت إنجاز كل من يعمل لديها وتدوين ذلك في سجل ما..؟‏

اليوم نحن أحوج ما نكون إلى البناء على ما تحقق لا هدمه، نحتاج أن نرمم، أن نوجّه، أن نقيم أو نقوّم، لسنا بحاجة إلى من يتكلس في مكانه بموقع إداري ويقول كما قال لي ذات يوم أحد أكثر الفاسدين والمتكلسين في أماكنهم بعد نقاش حول أمر ما رفضته لأسباب منطقية فرّد قائلاً: «الأماكن.. ملك الإدارة، ملك -نعم توزعها على من تشاء ولا أحد يحاسبها».. وكان أن قلت صحيح والدليل على ذلك تكلسك في هذا المكان...‏

نعم نحتاج إلى الهدم، هدم الفساد، هدم التخلف، والتعصب والشللية، نحتاج إلى التجديد، نحتاج أن يكون الجميع فاعلين، منتجين، أن نرسم استراتيجيات بناء وعمل، وأن نعيد تطويرها ومناقشتها أن نعطي كل ذي حق حقه، نحتاج أن نلقي بالجهل في أتون الجحيم.‏

نحتاج أداء متميزاً في كل عمل، أن نرى الحقيقي، الجوهري، لا قشور المكاتب، وسيوف القرارات الإدارية، وإعادة شراء فرش المكاتب وتجديدها، حتى لو كانت بالأمس قد جددت.. فكل قادم يريد جديداً بالأثاث،لا بالعمل... على ما تأسس نبني ونتجدد، فمعول الهدم للأساس غير المتين لا للحقيقي والراسخ.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 ديب علي حسن
ديب علي حسن

القراءات: 753
القراءات: 758
القراءات: 784
القراءات: 673
القراءات: 689
القراءات: 773
القراءات: 841
القراءات: 781
القراءات: 654
القراءات: 855
القراءات: 756
القراءات: 732
القراءات: 721
القراءات: 740
القراءات: 724
القراءات: 674
القراءات: 836
القراءات: 695
القراءات: 768
القراءات: 743
القراءات: 811
القراءات: 777
القراءات: 802
القراءات: 721
القراءات: 768

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية