مفاوضات في العلن ومفاوضون , مندوبون ومبعوثون وصفقات ومقايضات , منها ما هو فوق الطاولة وأكثرها تحت الطاولة , والكثيرون ينتظرون دخانا أبيض يتصاعد في لحظة ما عندما تحدث المعجزة , وما المعجزة .. أن تقبل حكومة الإرهابي نتنياهو تجميد الاستيطان لمدة تسعين يوما جديدة , الأمر الذي يرتب على الكاهل الأميركي الوسيط جملة من التعهدات والضمانات , منها ما هو عسكري لوجستي , ومنها ما هو أمني , ومنها ما هو غير ذلك .
وبافتراض أن المعجزة حدثت , وقبلت إسرائيل تجميد الاستيطان لتسعين يوما أو حتى لتسعمئة , فهل يعني ذلك أن السلام بات قاب قوسين , وهل يعني ذلك أن مقومات السلام ومناخاته قد توفرت , ثم من قال إن تجميد الاستيطان يعني حلول السلام , ومن قال إن تجميد الاستيطان يعني عودة الأرض المحتلة وعودة اللاجئين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ؟
العالم كله , اليوم كما من قبل , يعرف أن ثمة صراعا داميا في الشرق الأوسط , لكنه لا يعرف تفاصيل هذا الصراع والشياطين الكامنة فيها , والتركيز المفتعل والمفبرك أميركياً وإسرائيلياً على مسألة تجميد الاستيطان والدوران في هذه الدائرة المغلقة , يوحي بأن هذه المسألة هي مفتاح السلام وطريقه , فإذا قبلت حكومة نتنياهو بعد كل ذلك تجميد الاستيطان ولو لفترة محددة فذلك يعني بالنسبة إلى العالم أن إسرائيل منحت العرب والعالم ذلك المفتاح وليس عليهم بعد ذلك سوى الولوج إلى السلام , ما يعني بالتالي إسقاط كل المفاتيح أو المقومات الأخرى .
بالطبع ليس هذا صحيحا ولن يكون , وأي بحث في الاستيطان وتفاصيله هو بحث في نتائج الصراع وليس في مقدماته , وكل انخراط في هذا البحث يعني الابتعاد عن السلام .