حتى لو لم يعجبك.. لو لم تشدك كلماته.. ولو كان بعيدا عن الروح الأدبية أو الفكرية التي تنتمي إليها... إلا أنك وبمجرد المضي بين صفحاته.. بمجرد اندماجك مع عوالمه السحرية التي تنتشلك من كل هذا الحنق والسخط المحيط بنا...
من كل هذا التزيف والتشويه الذي بات وكأنه قدر إنسان عصرنا الحالي... تكتشف عوالم حقيقة.. للروح احترامها.. وللعقل قدسيته.. وللفكر أهميته... وللتحليل حضوره...
في بعض الأحيان وحين تقرر مصادفة الدخول في عالم أدبي لم تشعر بقربه منك يوماً... إلا أن المفاجأة أنك تدرك بعد قراءته... أن عدم الانسجام هو ما يدفعك للمضي قدماً في قراءته علك تكتشف الروح الجديدة التي تشكله وتنقل إليك معارف جديدة كان لابد منها...
من أكثر الكتب التي فاجأتني مؤخراً.. كتاب (جبل الروح) للكاتب الصيني الحائز على جائزة نوبل (غاو كسينغجيان) كنت أقلب صفحاته ببطء شديد... وبكثير من الملل ولكن ما إن مضيت فيه... حتى شعرت أنني قمت برحلة الى الصين رغم أنني لم أزرها يوماً.. عرفت حكاياها القديمة... أهم أساطيرها.. حكايا اغنياتها الشعبية... كنا في رحلة خيالية أخفت أناي التي فكرت بها طويلا.. لأتعرف على ذوات أخرى ولأشعر في النهاية أنني عشت أكثر من حياة....
لاتلاعب... بك.... ولاتضييع لوقتك.... ولاسرقة لمالك.. أنت مع الكتاب مصون... تشعر معه بانسجام تفتقده... وانت تعاين تلك الآلة الجامدة التي تجلس طيلة النهار أمامها مع ذلك لترى أنها لاتقدم سوى مخلفات عصرنا... تلك التي لاتغني ولاتسمن من جوع!
في الملمات ليس اكثر من الكتاب حنواً عليك... حين ينقلك بسلاسة الى فرح غامر تشعر بعده أن العطر يغمر المكان.. وأن ما كنت تعاني منه ما هو الا ازمة عابرة...
soadzz@yahoo.com