والغضب فقط !
يذهلك في بعض العرب ادعاؤهم الالتزام بالقوانين والتشريعات والاتفاقيات الدولية , وتذرعهم التلطي خلفها كما لو أنها تنزيل محكم , ويذهلك أكثر كيف يأخذ هؤلاء بجزء من هذا «التنزيل» دون غيره .. الجزء الذي يخدم اللحظة والذريعة بالصدفة البحتة , ويذهلك في المقابل رؤيتهم لإسرائيل بأم العين وهي تخترق كل القوانين والتشريعات والتنزيلات , وهي تنتهك كل الأعراف والأخلاقيات والإنسانيات , دون أن تنبس لهم شفة , ودون أن يتحرك في صدورهم إحساس أو يعتمل شعور !
يذهلك بعض العرب وهم يتلذذون بألم أشقائقهم ويشبعون من جوعهم , وهم يبدعون في الكيد لهم وفي إذلالهم والتشفي منهم , يذهلك بعض العرب وهم يضاهون إسرائيل في بناء الجدران والأسوار للتضييق على أشقائهم ووأد روح الثورة والكرامة فيهم , وحتى ليحار المرء في التمييز بين هذا البعض وبين إسرائيل .
في مثل هذه الأيام من العام الفائت كانت غزة بمدنها وقراها ومخيماتها وشعبها تبيت تحت النار المسكوبة رصاصا , بعد حصار وتجويع طويلين , واليوم كما في الأمس لازالت غزة تحت الحصار والجوع , تحت الحرمان والظلم , وجل هذا وذاك صناعة عربية بامتياز ولكن .. بدمغة إسرائيلية .
فشكرا للعالم إذا ذرف دمعة واحدة من أجل غزة , وإذا تظاهر مرة واحدة من أجل غزة , وقال كلمة حق واحدة بحق من أجرم في غزة وأهلها , وشكرا لجورج غالوي ولو تأخرت مساعداته إلى غزة دهرا , شكرا له ولو جاب العالم من أجلها ولم يحط رحاله فيها !