تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


زيَّنوا لحاكم

معاً على الطريق
الخميس 31-12-2009م
عبد النبي حجازي

الليلة يطل عام جديد فليعلم من أصبح مستقبله وراءه أن الزمان كلما أعطاك سنة جديدة اقتنصها من عمرك .إن الإنسان هو ابن الحياة وهو يحب الحياة ويتمسك بها كبيراً صغيراً، قوياً، ضعيفاً، أعرج ، أعور ، كسيحاً، في عنفوانه، على حافة قبره..

وإذا رأيت من يشتم الحياة بلحظة غضب ويتمنى الموت فاعلم أنه كالابن يقول لأبيه أنت لست أبي أو كالأب يقول لابنه أنت لست ابني.‏

لقد اختلط علينا رأس السنة بذنَبِها و(أنكر ونكير) لايزالان يجثمان على أكتافنا بيد أن مهمتهما لم تعد تسجيل اللفتات والهمسات وإحصاء الذنوب وإنما استباق الجلد ساعة بساعة بسياط لاذعة هي أخبار القتلى والجرحى والخرائب والوحشية والتحدي والاستهتار والغطرسة والاحتقار والتهويد حتى غدونا كمن أُلقي به في أتون جهنم يقول تعالى«كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها» وعدونا الذي طلع علينا منذ الحرب العالمية الأولى بسائر أشكاله وهوياته، ذئب والضواري كلها معفاة من الحساب والعقاب.‏

نحاول مع إطلالة كل عام أن نسوي حسابنا مع وعينا فنرى أننا أمام جيل جديد، جيل عنده نهمٌ للاطلاع ورغبة عارمة في الاستقلالية، يعمل ويتابع تعليمه موقناً أننا لم نورثه إلا الضياع والألم وبقايا من الأحلام المتقاعسة والكثير من التبجحات الفارغة وسلاسل من الإخفاقات ، ومثلما ننكر طريقته في الإقبال على الحياة وتعاطيها وفق رؤيته الخاصة به ينتفض علينا وعلى الواقع الذي نحاول أن نكبّله به . إنه جيل يضمر كرهاً دفيناً لأولئك المدللين القلة الذين يُعطون مايطلبون ، يعيشون على هامش الحياة لايشغل بالهم واقع ولامستقبل ويتباهون على الآخرين ويستنفزونهم، وينعمون بانتصارات أسوأ من الهزائم غارقين في الانحراف، خاصة الكثيرين من أبناء الدول(الغنية) والطافين على السطح في الدول (الفقيرة) يقول المثل الشائع: إذا طلعت لحية ابنك زين لحيتك (أي احلقها أو خففها كما يقول المغاربة)، والمعنى المقصود أن تفسح المجال لابنك أن يأخذ دوره وقد (كان) الرجال يطلقون لحاهم عندما (‏

كانت) اللحية تعبيراً عن الوجاهة و(الشيخة) واليوم ترى الرجل الكبير ناعم الوجه حليقاً وترى الشاب ما إن تنبت شعيرات في ذقنه حتى يبدأ بزخرفتها، مشيحاً عنا موقناً بعجزنا عن استيعاب المرحلة الزمنية التي نعيشها متمرسين خلف تقاليدنا، يقول عليّ بن أبي طالب « علموا أولادكم غير ماتعلمتم فإنهم خُلقوا لزمان غير زمانكم» يُروى أن هارون الرشيد قال لجلسائه في ليلة باردة(من منكم يمكث على السطح عارياً حتى الصباح فأُعطَيه جائزة سَنية؟) قال أبو نواس أنا. في الصباح سأله الرشيد :‏

- ألم تصطل علىأيّة نارٍ تتدفأ عليها؟‏

- من أين ياأمير المؤمنين؟‏

- ألم ترَ أيّ قبسٍ حواليك؟‏

- رأيت قبساً بعيداً في بطن الجبل لعلهم الرعاة .‏

- اصطليت وتدفأتَ وخسرتَ الشرط.‏

ونحن تسمرت عيوننا على ذاك القبس نحلم أن تشبّ منه النار تحرق كل من يمدّ يده‏

إلى خبزنا، وكل عام وأنتم بخير.‏

anhijazi@Gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 عبد النبي حجازي
عبد النبي حجازي

القراءات: 2123
القراءات: 1070
القراءات: 1078
القراءات: 1064
القراءات: 1267
القراءات: 1092
القراءات: 1030
القراءات: 1308
القراءات: 1282
القراءات: 1136
القراءات: 1657
القراءات: 1189
القراءات: 1745
القراءات: 1230
القراءات: 1188
القراءات: 1289
القراءات: 1228
القراءات: 1310
القراءات: 1295
القراءات: 1305
القراءات: 1516
القراءات: 1675
القراءات: 1465
القراءات: 1387
القراءات: 1809

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية