بمعنى أنه وليد هذه الإدارة أو امتيازها ,
وأنها وكيله الحصري في التوليف والتنفيذ، نشأ بنشوئها وغاب بغيابها , ومن الخطأ التوهم أيضا أن المشاريع السياسية الأميركية تسقط بالتقادم أو بتبدل القائمين عليها لمجرد أنها أخفقت هنا أو هناك , أو لمجرد أن المقاومة هزمتها في موقع ما ومرحلة ما .
بل إن الشرق الأوسط الجديد كمشروع سياسي أميركي إسرائيلي طويل الأجل ومتعدد الأهداف والأدوات هو لأميركا الدولة والنظام السياسي والاقتصادي وقواه المختلفة وليس لبضعة أميركيين وإسرائيليين متطرفين أو معتدلين , وبالتالي, فإنه يظل على الطاولة ورهن محاولات التنفيذ المتواصلة وإن بأدوات وخطابات مختلفة وبإدارات متعاقبة على البيت الأبيض .
فإذا كان ذلك المشروع قد سقط عسكريا وسياسيا عبر غزو العراق من البوابة الشرقية للمنطقة العربية, وعبر صده وهزيمته على يد المقاومة في جنوب لبنان وغزة فإنه لم يغب بعد ولم تغب محاولات تنفيذه بأدوات ووسائل مختلفة.. وحتى بخطاب سياسي جديد يوهم سامعيه بالتغيير والاختلاف .
أليست الفتنة الدينية والطائفية والمذهبية التي يجري تسعير لهيبها في المنطقة العربية ومحيطيها الإقليمي والدولي هي محاولة جديدة بأداة جديدة وبخطاب جديد لتنفيذ الشرق الأوسط الجديد ... والفتنة أشد من القتل ؟
أليست أصوات حرق نسخ من القرآن الكريم هناك ونسخ أخرى من الإنجيل المقدس هنا .. متقابلة متناغمة متطابقة في محاولة تبرير إشعال العنف والعنف المضاد رغم ظاهرها المتناقض ؟
أليست حروب المذاهب والملل المستعرة هنا وهناك, وبعضها يستحضر وقوده من قبل ألف وخمسمئة عام مضت... أليس هذا إفساد متعمد وتدمير مبرمج للغنى الحضاري والتنوع الثقافي والعيش والمشترك ؟
ثمة هجوم جديد لمشروع الشرق الأوسط الجديد .. وينبغي أن يكون ثمة مقاومة جديدة أيضا , والعاقبة لمن يقرأ ما بين السطور !!