تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


محمد أركون: العقل يولول

لبنان
معاً على الطريق
الأربعاء 22-9-2010م
نبيه البرجي

التقيته في باريس، في الثمانينات، وكان كلاماً في.. ثقافة القهقرى!!

محمد أركون غاب. لعله تمنى علينا، خلسة، أن نزيل كل أثر تركه وراءه لأنه كان يخشى، ولعله بقي كذلك بعد الموت، أن تستمر رقصتنا داخل اللا معنى، هكذا إلى مالا نهاية..‏

أجل، رقصتنا داخل اللامعنى، بعدما لاحظ إصرارنا على اللعب في الظلام، وعلى التواطؤ مع الهشاشة، رافضاً أن يتولى حفَّارو القبور- القبور الأبدية، إدارة الثقافة العربية التي قال: إن ثمة من دفعها إلى تلك الحفرة العميقة، ليضيف: « أجل، الحفرة التي يولول فيها العقل».‏

لا أحد يكترث بولولة العقل، داعياً إلى مقاربة انتروبولوجية، وجدلية، فذة، للثقافة العربية التي قال إنها تنطوي على تلك التجليات المتوهجة التي وضعت جانباً، وبفظاظة، ودون أن يستبعد أن يكون ذلك مبرمجاً، وأن ألقى بالمسؤولية على العديد من المثقفين العرب الذين راحوا يتثاءبون داخل الثقافة الغربية التي طالما حضت البعض على التفاعل معها، ديناميكياً، لا على أنها معطف خشبي براق، بل على أنها أحد الأبواب التي تفضي إلى أفق كوني.‏

ضحك آنذاك. ضحك بأسى، ولاحظ كيف تعيش ثقافتنا على رصيف الروك اندرول، وكيف تتمدد عارية في الأقبية، متنبئاً ومنذ نحو ثلاثة عقود، بأننا نمضي بخطا وتيدة إلى الزنزانة. وسأل إذا كنت أنا، مثله، أصغي، بغضب، إلى الزغاريد التي تواكب رحلتنا إلى العدم..‏

سخر من الذين ينظرون إلى الأزمة على أنها أزمة سياسية، وعلى أننا العرب مجرد هزات ارتدادية داخل الحرب الباردة، ليتحدث بعيداً وعميقاً، عن أزمة رؤى، معتبراً، أن لحظة الانتحار طالت كثيراً، ومبدياً خشيته من أن تضمحل العزيمة فينا تدريجياً بتأثير الدوغمائية البعيدة المدى والتي تفضي، حتماً، إلى تجفيف العقل.‏

أجل، وقف محمد أركون ضد تجفيف العقل الذي يفترض أن يبقى في تطور متواصل، وفي انشغال متواصل، هو الذي كتب عن العقل في الساعة الخامسة والعشرين، حتى لا يكون الدخول الأخير في الضحالة. ولقد دخلنا..‏

لا، ليست المراوحة في العقل، بل الحراثة في العقل الذي، بدوره، قد يتواطأ « إذا ما وقع في لذة اللامبالاة».‏

بعد رحيله، قد تكون قهقهات الزنزانة أكثر دوياً من أي شيء آخر!!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 نبيه البرجي
نبيه البرجي

القراءات: 892
القراءات: 931
القراءات: 1022
القراءات: 1111
القراءات: 1150
القراءات: 1047
القراءات: 945
القراءات: 1152
القراءات: 1002
القراءات: 981
القراءات: 1104
القراءات: 1220
القراءات: 1197
القراءات: 1300
القراءات: 1082
القراءات: 1250
القراءات: 1165
القراءات: 1113
القراءات: 1042
القراءات: 1159
القراءات: 1110
القراءات: 1150
القراءات: 1183
القراءات: 1193
القراءات: 1272

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية