وفي مشروع كبير يهدف إلى بناء الإنسان لا تقع المسؤولية على عاتق الدولة ومؤسساتها فحسب بل تولد الحاجة إلى مساهمة الشريك الثاني في بناء الاقتصاد الوطني والذي يقع على عاتقه أيضاً دفع تكاليف المساهمة في إنجاح تجربة التكامل بين القطاعات المختلفة والمساهمة الفاعلة والكبيرة في ملء الفراغ في الجانب الاجتماعي وتقديم الدعم لمؤسسات المجتمع الأهلي التي ربما تكون الوعاء الأوسع والأعم في تلقي تلك المساهمات وتوظيفها في تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية بطريقة تؤدي إلى تحقيق رفاه المواطن على أساس مشاركته الفعالة في التنمية، وهذه الرؤية تتصدرها الأولويات الاقتصادية والاجتماعية الساعية لتحقيق معدلات نمو مستدامة.
إن إتاحة المجال أمام المؤسسات الأهلية وتعددها المثري للعمل في بيئة من الشراكة الحقيقية والفاعلة يوفر لها البوابة لتتجاوز مجرد تقديم الخدمات في صورتها النمطية، فتكتنف بأطروحة المواطنة الحقيقية وحشد الطاقات والمساهمة الهادفة في التنمية ونشر ثقافة التعاون في المجتمع.
فالمتابع لبرامج تلك الجمعيات الجديدة والتي لم يعد يقتصر عملها على تقديم المساعدات الخيرية للمحتاجين متجاوزة ذلك الدور، من خلال برامج عمل موجهة ومحددة الأهداف والأعمال، تؤسس لثقافة جديدة تنطلق من مفهوم جديد للتنمية بأن الإنسان هو الفاعل الأساسي في دفع مسار التنمية وهو في الآن نفسه غايتها وهدفها النهائي.
فتوسع مؤسسات المجتمع الأهلي يؤشر إلى تنامي قدرة المجتمع على الاستفادة من الإمكانات المتاحة وتسخيرها لخدمة القضايا التنموية.
ومن هذا المنطلق يصبح تكامل الدور بين القطاع العام والقطاع الخاص والمؤسسات الأهلية شرطاً أساسياً لتحقيق أهداف التنمية في ظل واقع اتسعت فيه الهوة بين القدرة على توفير الخدمات وبين تزايد الاحتياجات.
وبما أن التجربة لا تزال في مراحلها الأولى فإنه من الأجدى أن توضع قواعد ومبادئ تحكم وتنظم أشكال العملية المتنوعة وتوزعها وتقاسم الدور بحيث تشمل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية كافة وإيجاد النظم المحفزة لشراكات متعددة تقوم على أسس متينة أساسها المواطنة وقاعدتها العمل على خلق نماذج جديدة من التواصل.