تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رقعة البيادق المتدحرجة ..

الافتتاحيــة
الخميس 3-7-2014
رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم

تعود أميركا لتمسك بخيوط لعبة تحريك بيادقها الإقليمية والدولية على رقعة المنطقة، وتتسع في بعض الأحيان لتكون على المستوى العالمي في بعض تجلياتها الأوكرانية، وتحاول من خلالها أن تعطي إشارة البدء بلعبة بيادق جديدة بعد أن غيرت جزءاً من أحصنتها،

وعدّلت من قوام فِيلَتِها، فيما أبقت «وزيرها» في العدوان الإسرائيلي و«قلعتها» في رعاية الإرهاب السعودي على حالهما مع بعض المهام الإضافية.‏

لكنها في الوقت ذاته لم تأخذ بالحسبان ما يجري من تطورات ولا تزال ترغب في اللعب وحدها، أو هكذا تتخيل أن زمن الهيمنة لا يزال ساري المفعول والتأثير، وهي لا تتعاطى على أن هناك خصماً آخر في الجهة المقابلة أو منافساً أو لاعباً يستطيع تحريك الأحجار على رقعة الشطرنج دون إذن مسبق أو دون العودة إليها.‏

بهذا المعيار تبدو الرقعة منشطرة على كفتي الحساب، حيث تمارس لعبة الافتراض حتى الأخير، ولا تتردد في تحديد حركة اللاعبين المفترضين، فتعد خطط الرد على مقاس افتراضها وليس على أرض الواقع، وتبني في الوقت ذاته خطواتها على مساحة استنتاجاتها الفردية.‏

الفارق أن أميركا لا تريد حتى اللحظة أن توقن أن أحداً في هذا العالم بمقدوره أن يحرك أي بيدق دون إذن منها، وأن المشاغبات الحاصلة ليست سوى حالة مؤقتة أو استثناءات تؤكد القاعدة أكثر مما تنفيها، وأن الهيمنة التي سادت تصلح لمعايرة أحداث المنطقة، وما يسري على المنطقة يسري على العالم.‏

على الضفة الأخرى تبدو المعادلة مختلفة بدليل أن روسيا التي سجلت حضوراً لافتاً تبحث عن طاولة تعيد تقاسم نتائج الحرب الباردة، وهي تدرك أن الهيمنة في حالة انكفاء عملي، ولو ظلت في أذهان أميركا حاضرة، وفي عقلها السياسي قائمة حتى إشعار آخر، وبالتالي تأخذ المقاربة وحالة التجاذب السياسي أبعاداً أكثر سخونة مما يطفو على السطح، وأن حالة التعويم الأميركي للتنظيمات الإرهابية ليست من باب التخمين الافتراضي، بقدر ما تعكس رغبة في تحريك البيادق دفعة واحدة، حتى تلك المحالة إلى التقاعد أو التي خرجت من الرقعة بحكم انتفاء الحاجة لوجودها.‏

في المساجلات السياسية القائمة ثمة من تعتريه الدهشة من محاكاة أميركا لأدواتها وسياسة الدفع ببيادقها إلى الصفوف الأمامية، لترسم مقاربة تنطلق من الاستمرار باعتبار الأميركي لاعباً وحيداً على الساحة الدولية، وتأتمر برؤيته ومواقفه حركة التاريخ، ويريد أن يربط أيضاً إحداثيات الجغرافيا التي تدور رحى طاحونها على جماجم شعوب المنطقة ومصيرها ووجودها.‏

لا نعتقد أن في الأمر الكثير من الالتباس، وما تحدثت عنه روسيا يميط اللثام عمّا خبأته أميركا للمنطقة وغيرها، وأن تعويم التنظيمات الإرهابية لا يعكس الرغبة الأميركية في تحريك رقعة الشطرنج أو البيادق داخل المنطقة التي تتحرك قسرياً بحكم سقوط المشاريع وتعثر بعضها الآخر، وحالة الصدام القائمة بين اتجاهين ومحورين فقط، وإنما أن ترسم على المستوى العالمي مؤشرات مرحلة إضافية من الهيمنة تستبعد من حساباتها ومن اعتباراتها أي وجود لقوى أخرى، وأن ما شهدناه من حراك لا يعدو كونه فائضاً في استراتيجية عودة الأميركي إلى ممارسة سياسة الاستلاب بنسختها المعدلة، التي تقتضي في الحدّ الأدنى إبراز وجه مغاير للرغبات والنيات المعلنة، حيث تحريك البيادق لا يعني بالضرورة التقيد بما ينتج عن حركتها بقدر ما قد يكون للتعمية السياسية، ولإشغال الوضع بموقف مختلف وجبهة مختلفة.‏

أميركا العائدة إلى فتح ملفاتها على وقع الرماد المتناثر لكثير من مشاريعها، هي ذاتها أميركا التي تدفع بالسلة الدولية إلى أتون الموقد الذي تشعله التنظيمات الإرهابية، والاختلاف الوحيد أنها كانت تشعل لتتفرج واليوم تؤجج كي ترسم المحاصصة على النفوذ العالمي ببيدق الإرهاب وتنظيماته، وأن تضع إحداثيات الخرائط على وقع حضوره في الصفوف الأمامية.‏

ما فات أميركا أن النيران لا تعترف بحدود الرقعة، خصوصاً عندما تكون فائضة في كثير من الأحيان عن الحاجة، فالحرائق تمتد وتتسع ما دام هناك من يزيد صب الزيت على رقعة شطرنج متدحرجة، التي يصاب فيها التاريخ بعسر هضم عندما يرهن سطوره للصدفة، وتتعثر الجغرافيا حين تؤجر خرائطها للإرهاب!!‏

a.ka667@yahoo.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 7012
القراءات: 935
القراءات: 1087
القراءات: 883
القراءات: 887
القراءات: 865
القراءات: 993
القراءات: 839
القراءات: 772
القراءات: 867
القراءات: 915
القراءات: 804
القراءات: 742
القراءات: 800
القراءات: 998
القراءات: 877
القراءات: 689
القراءات: 882
القراءات: 904
القراءات: 964
القراءات: 910
القراءات: 792
القراءات: 966
القراءات: 879
القراءات: 1007

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية