| قراءة متفائلة إضاءات وتحقيق الأهداف التي يصبو إليها، ولوسائل الإعلام دور كبير في خلق حالة التفاؤل لدى الأفراد والمؤسسات وتعطيهما المزيد من الثقة والأمل في المستقبل ويمكنها القيام بعكس ذلك أيضاً من خلال إشاعة روح اليأس والإحباط وعدم الثقة بالمؤسسات وغيرها ،ولعل ماجعلني أفرد هذه المقدمة هو إطلاعي على التقرير الصادر عن منظمة الشفافية الدولية وهي منظمة غير حكومية أسست في ألمانيا في بداية التسعينيات من القرن الماضي وتعنى بقضايا الفساد الذي أصبح مشكلة عالمية تواجهها الدول والشعوب في مختلف أرجاء العالم وبنسب وتأثيرات مختلفة. وبادئ ذي بدء لابد من الإشارة إلى أن تقارير تلك المنظمة ليست دقيقة بالدرجة التي تجعل منها أدلة حقيقية ونهائية ولكنها تقدم مؤشرات يمكن الاستئناس بها إلى درجة معقولة لأنها تعتمد في تقريرها على معطيات موضوعية وآليات واضحة ومحددة ومعترف بها على الصعيد الاقتصادي في المنظمات الدولية ،وتضع الهيئة المشار إليها تصنيفاً سنوياً على لائحة تبدأ برقم واحد وصولاً إلى مئة وثمانين وهو عدد الدول المصنفة عليها وكلما ارتفع ترتيب الدولة في الجدول المذكور فإن ذلك يعني تزايد درجة الفساد فيها، ومايهم في ذلك هو وضع الدول العربية على تلك اللائحة حيث تقبع في ذيل اللائحة الصومال والعراق اللتان تحتلان المرتبة الأخيرة والمرتبة 176 ثم تليهما أفغانستان وميانمار واللافت أن أفسد دولتين في العالم محتلتان من قبل الولايات المتحدة الأميركية. ويشير التقرير إلى أن افضل الدول العربية على لائحة منظمة الشفافية الدولية هما قطر والامارات حيث احتلتا المرتبة 22 لقطر و30 للإمارات وهما بذلك تقدمتا على بعض الدول الغربية وكذلك على الكيان الصهيوني الذي يحتل المرتبة السابعة والثلاثين في الفساد المالي والمرتبة الأولى في الفساد العنصري والسياسي والأخلاقي، مذكرين بأسباب التحقيق مع رئيس الكيان السابق كاتساف ورئيس الوزراء المهزوم أولمرت ، ولعل مايدعو إلى مزيد من التفاؤل هو أن التقرير المشار إليه بين أن افضل دولة حققت نقلة في سلم الترتيب هي سورية حيث حطمت الرقم القياسي بين الدول العربية وغيرها بهبوطها بفارق 21 نقطة على سلم الترتيب خلال عام واحد وهذا مؤشر إيجابي ومهم ويدل علىآلية ناجعة لمحاربة الفساد يمكن تعزيز مسارها وتطوير وتفعيل آلياتها من خلال المزيد من الشفافية في عمل المؤسسات واطلاع الجمهور على خططها وبياناتها المالية ونسب انجازها وتطوير آليات اختيار الإدارات على أسس من الكفاءة والمهنية والخبرة وإخضاع العقود الخارجية لمعايرة جديدة بحيث تتولاها أكثر من جهة، إضافة الى التعجيل بوضع وإنجاز البنية التحتية للحكومة الالكترونية التي تضمن انسيابية عمل المؤسسات والاتصال الإلكتروني مابين المواطن ومؤسسات الدولة بعيداً عن الروتين والابتزاز إضافة الى مزيد من تطوير القوانين لتحيط وتحاصر كل أشكال الفساد (الذكي) وكذلك تعزيز وتفعيل آليات الرقابة وأجهزتها ولاننسى الدور المهم والاستراتيجي لوسائل الإعلام والرقابة الشعبية في كشف وتعرية منابع الفساد ويبقى الدور الكبير في تجفيف منابع الفساد هو العمل التربوي بمكوناته الأسرة ، المدرسة، ثقافة المجتمع .
|
|