تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


يوميات ملونة

معاً على الطريق
الجمعة 23-8-2019
ديب علي حسن

ذات يوم قال الشاعر العربي ابو البقاء الرندي يرثي الممالك الزائلة في الأندلس، طبعا التي زالت بعد التناحر والاقتتال الذي جرى بينها هناك، قال:

هي الأيام كما شهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان‏‏‏

نعم، تلك هي الأيام متداولة بين الناس، فاليوم خمر، وغداً خمر، وما بين يوم بكينا فيه، وآخر عشناه بأروع اللحظات ثمة مسافة في الزمان والمكان وكل شيء، فلمَ نبقى متربصين حيث الجراح والآلام؟ هل علينا أن يبقى الحزن سرمديا، كم كان ابراهيم ناجي رائعا حين قال في وصف الدنيا وأحوالها: دوارة أبد السنين كعهدها من ليل آثام لصبح متاب‏‏‏

تغلو الحياة بها إلى أن تنتهي عند الرتراب رخيصة كتراب‏‏‏

حقيقة لست بصدد تقديم دروس في الحياة، فالسوريون كلهم عاشوا دروس الحياة حلوها ومرها، عانوا وقاسوا، ما من بيت من الفقراء إلا ودفع ثمنا غاليا، دما وتضحية وعوزا وحاجة، وبالوقت نفسه، لن ننكر أن ثمة من أثرى وتاجر وباع واشترى، ومازال يبيعنا كلاما ووطنيات وعنتريات وغير ذلك، وهذه حال الدنيا، واحوالها، يوم لك، وايام عليك، وعلى ما يبدو فإن الأيام باقية علينا، لكن اليقين أنها كانت لنا، ولا ندري كيف انقلبت، ربما ندري لكننا نتجاهل، ويقينا أنها ستعود لنا، ولكن هل سنحسن التعامل والتفاعل معها، وتثبيتها أمر واقع يثرى بدمنا بشهدائنا، هنا الحكاية التي يجب أن تكون حاضرة عند الجميع.‏‏‏

فليس النصر كإنجاز هو النهاية، بل البداية، الحفاظ عليه، أن نكون أمناء على دم من ارتقى لنبقى، أن نعيش للرسالة التي سما من أجلها، هذا كله في الدرب إلى الغد، إلى الحياة، ألوان نتوشح بها، تلفنا، نعود إليها، ما بين حزن وفرح، بين وبين كل المتناقضات، لكننا متجذرون هنا، لا أدري كيف يمكن تفسير هذه الحال التي ربما يصدق عليها وصف ما قاله ذات يوم مواطن سوري (من يكون خارج سورية، يظن أن كل السوريين، هم في الخارج، ومن يزر سوق الحميدية، ير الدنيا بألف خير، وكأن احدا من السوريين لم يغادر سورية).‏‏‏

هي حقيقة ساطعة، لم نغادر، وسنبقى حيث نحن، نتجذر بالحزن بالألم، بكل شيء، نكابر على جراحنا، نعرف كيف نزرع ونحصد، نقيم الأعراس، نزغرد في مواكب الشهداء، نفيء إلى كل ركن وتحت ظل كل وردة وشجرة، حيواتنا ملونة ما من لون يعرف كيف يغادرنا، ربما إلا لون أن نرى جشع الكثير من التجار يقهر، من حقنا أن نفتخر أن لنا لوننا السوري المميز الذي لا أحد يدري كنهه، وكيف يصنع، لكنه مغزول من دم ونار وغار وصبر باختصار: لون سوري وكفى.‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 ديب علي حسن
ديب علي حسن

القراءات: 752
القراءات: 756
القراءات: 783
القراءات: 671
القراءات: 687
القراءات: 771
القراءات: 836
القراءات: 780
القراءات: 652
القراءات: 852
القراءات: 754
القراءات: 730
القراءات: 719
القراءات: 738
القراءات: 720
القراءات: 672
القراءات: 834
القراءات: 693
القراءات: 766
القراءات: 741
القراءات: 809
القراءات: 777
القراءات: 799
القراءات: 720
القراءات: 765

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية