وموافقة الكونغرس على زيادة إضافية بعشرات ملايين الدولارات لما سمي( المساعدات الأمنية) لإسرائيل , و تمويل العمليات السرية ضد إيران , ومابين اعتزام البنتاغون نشر ست وحدات عسكرية إضافية في العراق مطلع العام 2009 , رسمت خارطة طريق قادمة لسياستها هي نسخة طبق الأصل , عن تلك التي طبعت لسنوات بالعسكرة وصناعة الحروب والمجابهة مع العالم .
ومجموعة العناوين والمعطيات هذه رسائل نارية صارخة , موجهة للعالم بأسره تؤكد : أن المشروع الأمريكي ومعه الصهيوني المتحالف , لم يسلم بواقع الهزائم والانتكاسات التي منيا بها في أكثر من مكان , وهو إذ يعاود التقاط الأنفاس والتحضير لانقضاضات ومغامرات جديدة , فإنه يضع في حساباته ورهاناته إمكانية تحقيق نجاحات ولو محدودة , تكون بمثابة التعويض
و تعيد بعض الهيبة ( للقوة العظمى وللجيش الذي لا يقهر) .
وهي نزعة ليس من الصعب التكهن بعواقبها وتداعياتها على أمن العالم وسلامه واستقراره , والإقرار بأنها تتعمد عن سابق إصرار وتصميم تعميق التورط الأمريكي , وتوريث القادمين الجدد إلى مركز القرار مشكلات وأزمات , يحتاج ردمها إلى سنوات وإلى جهود توقن بعبثية سياسات الحروب وإغراق العالم بالدم , وفشلها في أن تستجر غيرعدائية الشعوب وكراهيتها , وإلحاق أكبر الضرر بمصالح أمريكا , الأمر الذي لا بد إزاءه من إعادة النظر في هذه السياسات وتصويبها , والانكفاء إلى ما وراء البحار , تاركين للمنطقة والشعوب الأخرى حرية تقرير مصائرها بنفسها ودون تدخل .
وإلى أن يتحقق ذلك فإن العرب وهم المعنيون الأول بهذه التطورات والرسائل الحربية , ليسوا معفيين تحت أي ظرف أو حجة من المواجهة , والتصدي للاستحقاقات على اختلاف أشكالها ووجوهها , والأخذ بزمام المبادرة وبالخيارات البديلة المعوضة عن الاعتماد على واشنطن والرهان عليها , سبيلاً لتحصين الساحة القومية وجعلها عصية على محاولات الاستباحة , ووسيلة لانتزاع المغتصب من الأرض والحق , وإرساء معادلة السلام بشقيها العدل والشمول .