أقول هذا ونحن لا نزال نتهم بارتكاب أخطاء لغوية بعيدة عن الفصحى، ويريدون أن نعود إلى أصول اللغة العربية ومشتقاتها الصحيحة،وهو مطلب حق ،لكنه صعب المنال، فقد تراكمت الألفاظ الشائعة البعيدة عن الاشتقاق الفصيح حتى وصلنا إلى طريق اللا عودة.
وموضوع الأخطاء اللغوية في وسائل الإعلام وغيرها ليس بجديد، فقد كان مجمع اللغة العربية بدمشق أول من اهتم بالمسألة منذ عام 1921، فكان ينشر على صفحات مجلته وغيرها من الصحف مقالات في باب «عثرات الأقلام» وأخرى عنوانها: «في الوضع والتعريف»، وأذاع نشرة يطلب فيها من دوائر الحكومة ومعاهد التدريس أن تنبئه بما تحتاج إليه من الألفاظ وضعاً وتعريباً.
ولكن اللافت للنظر أن يبدأ الاهتمام بالبحث في الأخطاء اللغوية الشائعة ابتداء من عام 1980 فأعيد في هذا العام إصدار كتاب محمد العدناني (معجم الأخطاء الشائعة)، وكانت طبعته الأولى قد صدرت في عام 1973، وفي عام 1991 صدر كتاب أحمد مختار عمر أخطاء اللغة العربية المعاصرة عند الكتاب والإذاعيين، ثم توالت الندوات حول هذه المسألة .
وكانت جريدتنا (الثورة) أول صحيفة عربية تنبه الناس على الأخطاء اللغوية الشائعة، فخصصت مدققا لغوياً، وكان أستاذ الجيل صلاح الدين زعبلاوي الذي ما لبث أن كتب زاوية يومية عن الأخطاء الشائعة سواء في الصحافة أم على الألسنة.
والمفارقة أننا عندما كنا نختلف حول لفظة ونحتكم إليه كان يردد (عبارة خطأ لغوي شائع خير من فصيح مهجور).
المسألة الآن أصبحت أكبر من كلمة اشتقاقها غير صحيح، لأنها لا تهدد اللغة العربية، فالتهديد الحقيقي يأتي من سيل جارف لألفاظ أجنبية وعامية مغرقة تحفل به الفضائيات التجارية، وهي تهدد الفصحى ذاتها وليس المبسطة منها فقط .