تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سورية والحسابات الإستراتيجية

إضاءات
الاثنين 26-7-2010م
خلف علي المفتاح

تبدو مشكلة بعض القيادات السياسية العربية في عدم تعاطيها الموضوعي مع الوقائع السياسية الجديدة بحيث تتعامل مع قضايا المنطقة والعالم بعقلية وأدوات الماضي،

وكأن العالم يتحرك بشكل دائري أو يعيش حالة من الستاتيك لذا نجدها وفي أحسن حالاتها تعيد إنتاج ماضيها بكل سلبياته وتعجز عن التحرك ولو في الحدود الدنيا في الاتجاه المطلوب, هذه الإشكالية مردها غياب التفكير الاستراتيجي الذي لايأخذ في الاعتبار جملة التحولات التي حدثت في العالم والمنطقة ودورنا نحن العرب وتحديداً سورية والمقاومة وشبكة العلاقات الإقليمية التي أوجدت واقعاً جيواستراتيجياً في المنطقة يختلف كثيراً عما ساد خلال ستة أو سبعة عقود مضت أنتج معادلات ووقائع على الأرض وكرس سلوكاً سياسياً وفلسفة في رؤية الأحداث في المنطقة إلى درجة أنها وصلت إلى حالة كادت تفرض واقعاً في المنطقة لا يمكن تغييره.‏

بالتأكيد ليس الهدف من هذه المقدمة توجيه اللوم لأحد أو التغني بما أنجزته سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد خلال السنوات الماضية، فهذا معروف للعدو قبل الصديق، وإنما الهدف هو أن يتعامل النظام السياسي العربي ويتعاطى في حراكه السياسي مع الآخر سواء كان صديقاً أم عدوا آخذاً في الاعتبار جملة هذه الحقائق لتكون أوراقاً رابحة ومؤثرة في مواجهة هذه القضايا من موقع القوة وليس من موقع الضعف وهو يدرك تمام الإدراك الأرضية التي يقف عليها.‏

إن قراءة بانورامية للأحداث خلال السنوات الماضية لا تشير فقط إلى تبدل في قواعد اللعبة, وإنما اللعبة ذاتها وفي الكثير من مكوناتها فالكيان الصهيوني الذي شكل مركز الثقل والتأثير في الحسابات السياسية في المنطقة لمدة تزيد على ستة عقود بدأ يفقد ذلك الوزن منذ هزيمته عام 2006، إلى درجة أن بعض الساسة والكتاب والباحثين في الشرق والغرب بدأ بطرح بعض الأسئلة المتعلقة باستمرارية وظيفة ذلك الكيان وفلسفة وجوده في ضوء التحولات التي حصلت في العالم والمنطقة ولا سيما بعد دخول العالم مناخاً جديداً من التنافس بين الدول لا يتأسس على حوامل إيديولوجية بل على اصطفافات مصلحية و معرفية .‏

إن وضعاً جديداً في منطقتنا العربية وإقليمنا بشكل عام بدأت إرهاصاته الأولى تظهر واضحة على خريطة الأحداث منذ أكثر من خمس سنوات، وتبلورت بشكل واضح خلال السنتين الأخيرتين أهم ما يميزها هو بدء انتقال مركز الثقل والتأثير في المنطقة إلى دول وقوى جديدة وصاعدة في مقدمتها سورية وتركيا وإيران، وقوى المقاومة استطاعت بتنسيقها وتعاونها وعلاقاتها المتميزة انتزاع أوراق الضغط والتأثير وتحديد مسار الأحداث من القوى التقليدية والمتمثلة بأمريكا وإسرائيل التي احتكرتها لعقود طويلة لتقوم هي بضبط إيقاعها وتدوير زواياها والإمساك بخيوطها .‏

إن الحديث عن دور محوري لهذه القوى الصاعدة لا يعني إطلاقاً أن الجبهة الأخرى قد أصبحت في حالة انعدام الوزن أو أنها قد أغمدت سيوفها واسترخت، ولكن للإشارة إلى أن تبدلاً في موازين القوى قد حصل و يجب تصعيده واستثماره وهذا يدخل في لعبة السياسة.‏

إن الدعوة إلى تعاط جديد مع عالم اليوم وفق معطياته الجديدة والتقاط اللحظة التاريخية هي مسألة في غاية الأهمية بالنسبة للنظام السياسي العربي الذي كان ضحية ظلم وعسف لحق به وبأبناء الأمة العربية طوال عدة عقود شهدت حروباً باردة وساخنة نصبت خيامها وسط بلدانهم و دفع خلالها العرب فاتورة صراعات دولية من دمائهم وأموالهم ما عرقل مشاريعهم النهضوية وخططهم التنموية ما زاد في الفجوة المعرفية بينهم وبين أغلب دول العالم .‏

khalaf-almuftah@hotmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11363
القراءات: 1092
القراءات: 841
القراءات: 995
القراءات: 872
القراءات: 938
القراءات: 953
القراءات: 910
القراءات: 982
القراءات: 930
القراءات: 966
القراءات: 908
القراءات: 935
القراءات: 973
القراءات: 1027
القراءات: 989
القراءات: 1086
القراءات: 1064
القراءات: 986
القراءات: 1050
القراءات: 990
القراءات: 1017
القراءات: 1041
القراءات: 1076
القراءات: 1314
القراءات: 1230

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية