| لوقف حالة الهيجان والاستباحة قضايا الثورة لقد أسقط بيد إدارة بوش ووضع العالم إزاء معطيات ووقائع تدلل بصورة حاسمة: أن دم الحريري هو آخر ما يمكن أن تفكر به هذه الإدارة, التي انتهجت ومنذ اليوم الأول لتسلمها مقاليد السلطة, سياسة المجابهة والصدام مع العالم واعتبار ساحاته المجال الحيوي والميادين لأطماعها ومغامراتها, بتركيز شديد وغير مسبوق على المنطقة وسورية يعطي الأولوية لخوض حروب إسرائيل وتثبيت احتلالها, وتكريسها قوة مطلقة تملي بمفاهيمها وشروطها منطق الاستسلام بدلاً من ثقافة السلام, ورّط الولايات المتحدة وأغرقها في مستنقعات ومآزق حادة تدفع وتدفّع العرب أثمانها, ولا تحاول البحث عن مخارج منطقية أو مشرفة لها. ولا نخال أحداً لا يلم بسياسة واشنطن وما تبغيه فعلاً من وراء الاهتمام المفاجىء, والانتقائي المشبوه وغير البريء بلبنان والمنطقة وبعض الأحداث والتطورات على ساحتها, تلك التي يجهد طاقم الصقور من المحافظين الجدد واليمين المتصهين لاستغلالها, وتوظيفها في ترجمة الأجندة القديمة الجديدة لاحتواء المنطقة والسيطرة على ثرواتها ومنابع وآبار النفط فيها, وضرب كل ما يمكن أن يحول وأن يشكل مانعاً في وجه مخططاتها ومخططات حليفها الإسرائيلي, وتحديداً سورية الخندق النضالي العربي المتبقي الذي حال بصموده ويحول دون تمدد المشروع الأميركي الصهيوني ونجاحه. وطاقم الرئيس بوش لديه من التهم الجاهزة والأضاليل والشعارات الكثير, والفائض من المشكلات الممكن افتعالها وإثارتها, على سبيل الهروب والتغطية للفظائع وجرائم الحرب المرتكبة والمفتوحة في فلسطين والعراق وأفغانستان, والتصدير والامتصاص لأزمات الداخل المستفحلة سواء بواقع الغزو والتخبط الدموي الحاصل في بلاد الرافدين, أم بفعل سياسة النفاق والكذب والفشل في التصدي لإعصار كاترينا, وبالتالي التفجر المتلاحق للفضائح على النحو الجاري وشموليتها لمفاصل أساسية مهمة وفي أعلى مواقع السلطة, والعشم في جني بعض المغانم والمكاسب والانتصارات التعويضية وتحسين الصورة والشعبية الانتخابية, التي أضحت في الحضيض وفي أدنى المستويات.. وهنا مكمن الخطورة. إذ إن هذه التراكمات من الأخطاء والسياسات السلبية المتهورة والتخوف من تداعياتها, قد يدفع صقور الإدارة الأميركية نحو مغامرات جديدة وأعمال طائشة وغير محسوبة, توسع دائرة النيران والحرائق وتضع المنطقة أمام المجهول, الأمر الذي يستدعي من الأسرة الدولية وكل قوى الخير والحرية والسلام, وقفة حازمة ومسؤولة تلجم حالة التدهور وعروض القوة والهيجان والاستفراد والاستباحة الأميركية, وتعيد الى الساحة العالمية التوازن المطلوب. وإذا كان العداء لسورية يجد التعبير والمتنفس له في جملة المواقف والتصريحات والحملات, التي يتناوب على قيادتها والمجاهرة بها أركان إدارة بوش, وفي استصدار القرارات الجائرة وجملة الضغوط المستمرة لتسييس ملف التحقيق في جريمة اغتيال الحريري, بقصد إضعاف الموقف السوري وابتزازه والحصول منه على تنازلات في الملفات الساخنة, والقضايا الكبرى المتصلة بالصراع وفلسطين والعراق والمقاومة وسلاحها, فإن ما نتخوف منه أن تتحول المنظمة الدولية ممثلة بالمؤسسة الأم ومجلس الأمن, إلى أداة ورأس حربة في المشروع الأميركي, وإلى مانح لشهادات حسن السلوك وصكوك البراءة للكيان العنصري الاستيطاني التوسعي (إسرائيل) صاحبة اليد الطولى والمصلحة الكبرى في كل ما جرى ويجري باعتراف أركانها ومسؤوليها.
|
|