ترى هل سألنا أنفسنا: لماذا هذا السؤال؟ وهل من الضرورة بمكان أن يطرح علينا، هل يجب أن أعرف فلاناً حتى أرسل له طلب صداقة، بصيغة أخرى: لو كنت أعرفه ما الحاجة إلى التواصل معه هنا؟ لماذا عليَّ أن أعرفه؟.
أليس البحث عن جواب من الضرورة بمكان؟ ربما نحن السوريين أكثر من قدم إجابات على هذا السؤال من حيث ندري، أو لا ندري، نعم، إجابات لا بد أنها تدخل افتراضياً أيضاً بعوالم هذا المجتمع الأزرق الملبد بكل شيء، من العواصف إلى المطر والبرد، والصدق والكذب وما في ذلك، صورة لكل شيء تراها في عوالمنا هذه.
يرسل إليك أحد ما طلب صداقة، سترى أنه يحمل لقب دكتور في التاريخ والجغرافيا والرياضيات، وهو العالم الذي لا يشق له غبار، طوفان مما يقدمه من معلومات، لا تعرف إن كانت صحيحة أم لا، آخر يكتب: شاعر الجوز والبرتقال وحورة الوادي، وأخرى: فلة، ياسمينة، غزالة، لبوة، شاعرة، دكتورة إلخ...
ولا دليل على صدق ما يقولونه،، يدونونه، يقدمون أنفسهم به، إن قلت: نعم أعرفه، فبالتأكيد أنت المسؤول عن خيارك والمعني بالمعطيات التي قدمها لك: بصيغة أخرى غباؤك هو المسؤول عما يلحق بك ذات يوم من نصب وتهكير واحتيال، لأنك أنت أعطيت رسالة الأمان للبرنامج، لصاحب الطلب، لمن شئت، وعليك ألا تعاتب أو تلوم أحداً ما إذا ما كان ثمة ما لا تريده..
في عوالمنا هذه تصل نسبة الكذب فيها ربما إلى أكثر من 90 بالمئة ممن نعرفهم ولا نعرفهم، وبكل جرأة وصلف وكذب يقدمون بيانات تعرف أنها غير حقيقية، رجل بالكاد يحمل شهادة محو الأمية، بعد شهر من (الفسبكة) يلقب بالدكتور، وجميلات الفوتوشوب لهن الحظ الأوفر في ذلك، تصميم شهادات دكتوراه لهن، كتابة معلقات، قراءات في إبداعهن، وقس على ذلك الكثير الكثير، حتى يمكنك القول بكل ثقة إن العالم الحقيقي لنا لم يعد موجوداً، أصابنا الأزرق بالفصام، وصدق الكثيرون أنهم فعلاً (كنوز الزمن) ولم يقدرهم أحد ما حق قدرهم، والكارثة ما ينتج عن ذلك من أمراض نفسية وعقد لا يمكن حلها بين ليلة وضحاها، ناهيك عن الأمراض الأخرى التي ترسخت وغدت كوارث في الأزرق والواقع، لعل أولها (غريزة القطيع بالنسخ واللصق، بالإشاعات، بكل ما يخطر ببالك من الأمراض الزرقاء التي لنا عودة إليها..).