| خدمات القطاع العام وموارد الدولة ثمَّ إنَّ كان ذلك اعترافا بالسوق ودوره في الاقتصاد, وكان ذلك رفضا لفرضية أن السوق ينظم نفسه ذاتيا, أو يتوازن عفويا كما تخيل آدم سميث وغيره.. وكان ذلك بداية تجربة خاصة هي التجربة الصينية في التحول وفق ما فرضته عليها معطيات وظروف التجربة. لن أدعو لاقتفاء تجربة الصين.. فهي لا تصلح لسورية, لكنها تصلح كثيرا للاستفادة.. مثلما تصلح تجارب أخرى قد تكون رأسمالية بحتة مثل تجربة ماليزيا. ليس للعالم خط واحد يجب أن يمشي عليه.. بل لكل بلد خط يمكن أن يرسمه وفق حاجات شعبه.. والعالم ليس آسيا وأوروبا وأمريكا.. الخ.. بل في آسيا هناك الصين والهند واليابان وماليزيا.. وغيرها ولكل منها تجربته.. وفي أوروبا هنا ألمانيا وبريطانيا وفرنسا واسبانيا ولكل منها تجربته.. ولكل منها خصوصية زمنية يختلط فيها الموقف السياسي بالموقف الاقتصادي من ناحية إمكانية الاستفادة.. وهكذا.. ولننتبه اليوم إلى اسبانيا.. رغم أنها لا تأتي في مقدمة الدول الأوروبية في المستوى التقني والاقتصادي.. لكنها تتميز بمسيرة تطور هامة وذات ثقة بالنفس ونجاحات ملحوظة, وهي في مواقفها قابلة لأن تقدم الكثير من الإمكانات للتجربة السورية.. وهكذا.. أعني أن العالم ليس دولة واحدة ولا خطا واحدا ولا منهجا واحدا.. بل هو دول وخطوط ومفاهيم.. ليس بينها من أو ما يمكن أن نتبعه فنصل.. أعتقد أن هذا متفق عليه.. إنما أردته لأصل إلى نقطة هامة كما أراها فأنا أخشى فعليا من خلال اتجاهات التطور التي أراها.. ونشدان اقتصاد السوق دون وضوح.. وإضافة الاجتماعي إليه دون ايضاحات.. أن يكون ثمة ضغط قادم على الطبقات الاجتماعية أو على المواطنين. وهذه الخشية لم تأت من الفراغ.. بل أتت من مجموعة أسباب منها: 1 عدم الوضوح الفعلي في النوايا تجاه الخصخصة. 2 ظهور مواقف قد تكون معادية للقطاع العام الذي يعوّل عليه في استمرار تخديم المواطنين ولو كان إلى حدود التخديم القائم حاليا فقط. 3 اختلال عملية ربط الأجور بالأسعار.. واعتلالها.. ولا سيما كما ظهرت في زيادات الأجور والأسعار الأخيرة. 4 اتجاهات فرض الضرائب والرسوم. ولا بد من الانتباه إلى شيء هام جدا.. وهو أن الحكومة وقطاعها )العام) يقدمان حتى الآن لجماهير الشعب كمًا من الخدمات كبيرا وضروريا لوجود الانسان واستمراره وهي خدمات تحتاج فعليا لحسن إدارة وتنظيم ولا تحتاج إطلاقا للإلغاء من أجل إتاحة فرصة شكليا يتيحها القطاع الخاص. إن التهاون تجاه هذه الخدمات أو حتى التهاون تجاه تطويرها وتحديثها أمر محفوف بمخاطر حتى اقتصادية. وأنا اعتبر أن دعوة الحكومة إلى التشاركية )الخصخصة) في شركات وقطاعات رابحة, هي نوع من التراجع عن دور للدولة.. يبدو اقتصاديا هنا.. لكن سيكون له وبالتأكيد منعكسات اجتماعية قد تكون خطرة. والصحيح.. هو ما تراه الحكومة.. شرط أن تقتنع تماما أنه لا مجال للتراجع عن الجانب الاجتماعي.. وأنه من الخطر الشديد زيادة الضغط على المواطنين.. فبنية المجتمع السوري قائمة على أساس وجود الدولة.. أو بالأحرى الوجود العريض للدولة.. والذي لا يمكن تخيله أنه وجود خدمي اجتماعي فقط.. لأن هذا الوجود الخدمي الاجتماعي يلزمه وجود اقتصادي ليؤمن موارده.. وسيطول الزمن قبل أن تشكل الضرائب والرسوم المورد الأساسي للدولة من أجل استمرار إداراتها للمجتمع بما يبعد الفقر ويؤمن حياة المواطن.. والضرائب والرسوم قد تشكل أحد أهم قنوات الضغط على المجتمع لا سيما حين تفرض باختلال موازين العدالة.. فبعض الأغنياء (المستثمرون) ويقلن الفقراء.. أي باقي فئات الشعب.
|
|