بل ثمة رهان مشروع على الاختراق الذي تحقق في الجوهر والمضمون لجهة الإقرار بالواقع العربي , ودور الجماهير العربية,والذي كثف الرؤية الخاصة به حديث السيد الرئيس بشار الأسد في الافتتاح .
وتوازيا مع المقررات التي تحتاج إلى وقفة نقاش طويلة فإن المهم وفق المعطيات الأكثر إلحاحا في ذاك الحراك أنه أحدث ما هو منتظر لناحية الدور والرؤية في تحمل المسؤولية , والمشاركة في تشكيل الموقف المطلوب من التحديات التي تواجهها الأمة .
ولأننا لمسنا ذلك عن كثب في النقاشات , كما رأيناها في التوصيات والمقررات , فلا بد من النظر إلى الحدث من زاوية الإسقاط السياسي الذي ينطوي عليه , ويتجاوز في أكثر نقاطه ارتباطا المفهوم التقليدي لسلسلة من النوايا التي لم تكن ترقى إلى مستوى المواجهة .
فالعلاقة بين الشارع العربي ومستويات اتخاذ القرار تظل المقياس الأهم لفهم وتفسير قائمة طويلة من الاستحقاقات , ولا سيما ان دمشق تحتضن أعمال المؤتمر , بما تضفيه من دلالة خاصة تملي مزيدا من التدقيق والتمعن .
ويدرك الجميع أن العقود الماضية شهدت مدا من التراجع الذي لم يكن له مبررا , وحضرت في أحيان كثيرة مفاهيم لم يكن لها أي مشروعية, وتمت فبركة اتهامات وتسويق مصطلحات لا تعكس واقع الحال بأي شكل من الأشكال .
وإنطلاقا من ذلك لا تزال الكثير من الأسئلة دون إجابة , وهي في معرض التطلع إلى ما هو أكثر مما تم حتى الآن , من خلال التأسيس لمرحلة تصبح فيها رؤية الشارع العربي وموقف الجماهير على تماس مباشر مع القرار السياسي ,وتصل مرحلة التفاعل الإيجابي , بحيث يكوت تحسس الموقف الشعبي جزءا من صناعة القرار .
بهذا المعنى بدت الكثير من المقولات مجرد محاولة لتغليف بعض الترهل الذي شهدنا في المواقف العربية , وفي أحيان كثيرة يافطة للنيل من هذا القطر أو ذاك , وفي المحصلة النهائية كان تغييب نبض الشارع يتم لصالح تغليب رؤى مهادنة أو قريبة من المساهمة في تسويق بعض المصطلحات ذات الصبغة المشبوهة .
وقد كان هذا الهاجس حاضرا في النقاشات كما هو موجود في الأذاهن , وهذا الاقتراب بدت عوامله الإيجابية بالبروز , وكانت لها تأثيراتها الواضحة في القرارات والتوصيات .
ومثلما كان الفهم المقدمة الضرورية للإنطلاق نحو مرحلة من التفاعل , فإن تفعيل ما اتخذ , والحراك الذي تحقق , والعلاقة التبادلية, كلها تشكل جملة من المؤشرات الهامة , بل واللافتة لمشروعية النطق والتحدث بلسان هذه الجماهير التي عكستها مداولات مؤتمر الأحزاب العربية .