ولانهالت عليه الضحكات الساخرة من كل حدب وصوب , اما ان تقول الانسة كوندوليزا رايس مثل هذا الكلام عن اخطاء ادارة رئيسها جورج بوش ونجاحاتها في العراق , فذلك لايثير ضحكا دامعا او سخرية مريرة فحسب , بل والكثير الكثير من الغيظ والغضب تجاه المفارقة الصارخة , المشبعة بالاستهتار والدجل السياسي بين ما تصنفه رايس خطأ تكتيكيا وماتصنفه نجاحا استراتيجيا !
اذن , فقد نجحت ادارة الرئيس بوش نجاحا استراتيجيا باهرا عندما اسقطت صدام حسين عن السلطة في العراق , واذا اعترفنا للآنسة رايس بهذا النجاح الاستراتيجي, فما هي ياترى تلك الآلاف من الاخطاء التكتيكية التي قالت ان الادارة الاميركية ارتكبتها في العراق ?
قتل اكثر من ثلاثمئة الف من العراقيين واعطاب اضعافهم وتهجير اضعاف اضعافهم .. خطأ تكتيكي
تدمير البنية التحتية وماتحت التحتية الاقتصادية والسياسية والثقافية العراقية , واعادة العراق خمسمئة عام الى الوراء على الاقل ... خطأ تكتيكي
حل كل مؤسسات الجيش والامن في العراق , وإحلال الفوضى المدمرة والقتل اليومي , بالجملة والمفرق منذ ثلاث سنين ونيف ... خطأ تكتيكي
تأسيس وإشعال حرب طائفية مذهبية عشائرية اثنية , تأكل ما اخضر ومايبس في العراق يوميا ... خطأ تكتيكي
فشل مشروع الديمقراطية وانتهاك حقوق الانسان كاملة , وتحويل العراق الى غابة لاتعرف طعما للاستقرار والامن ... خطأ تكتيكي
هذه خمسة اخطاء ( تكتيكية ) ظاهرة فقط اعادت العراق الى الحضيض الانساني , فما بالكم بآلاف منها اعترفت الآنسة رايس أن ادارة بلادها ارتكبتها في العراق , وكيف لعقل يحتفظ بذرة واحدة من الموضوعية والاتزان ان يتبجح بأن آلافا من الاخطاء التكتيكية , بل الكوارث التكتيكية , تحقق هدفا استراتيجيا ناجحا , وهل يستحق ذلك الهدف الاستراتيجي كل هذه الارتكابات الكارثية ??
لاادري إن كان ماتفوهت به رايس هو بؤس السياسة او سياسة البؤس , ام انه كلاهما معا , لكنني اجزم انها سياسة جريمة منظمة, تنضح بمزيج سادي من الوحشية والحقد واللامبالاة .
انها سخرية حقيقية , لكنها , دامية !!