تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ثبات الرؤية

معاً على الطريق
الأحد 8-4-2012
مصطفى المقداد

ما زالت الأرض تدور وفق قانونها الأزلي في وقت تتعايش المتناقضات على سطحها، وتزداد المواجهات والحروب التي تجبل أديمها بدماء بني البشر، فتزرعها أحزاناً، وتحصد نتائجها دماراً.

وسط المصاعب وتزايد الخطواب تظهر بوارق الأمل وتنجلي العواصف عن ولادات تأتي من رحم الأرض ذاتها، وتنتمي إليها، فتحمل آلامها وتتمثل واقعها، وتؤمن بقدرة أهلها على العطاء الدائم، فتكون الولادة المستمرة يوماً بعد آخر، دون أن يكون هناك احتمال لأي نهاية، لأن الحياة السرمدية ديدن تلك الولادات الأصيلة.‏

إن سنوات طويلة من المعاناة والقهر والاحتلال والضعف والهوان، تلت سنوات من القوة والعزة والمنعة والاستقلال والتقدم، وإن تعاقب فترات من الشد والجذب عاشتها أمتنا فوق هذه الأرض المباركة حددت ملامح وسائل الخروج من ذلك المأزق القابل للتكرار حيناً بعد آخر، وإن الكثير من تجارب الفشل والتعامل مع التحديات التي استهدفت استئصال جذورنا من المنطقة التي ولدنا منذ الأول فوقها، مكنت شرفاء الأمة من تحديد أهداف الأمة في الخلاص والانعتاق.‏

هو البعث العربي جاء من وجدان شعبه في لحظات المخاض التاريخية التي كانت تشهد نهايات الحكم العثماني وما تلاه من تعدد لأشكال الاستعمار الأوروبي في شرق الوطن العربي ومغربه، فكان الجواب الشافي لكل تلك العلل والمشكلات التي عاشها العرب على مدى أكثر من ستة قرون نقلت الأمة من مواقع العطاء والتقدم والقوة وامتلاك السيادة إلى حال التبعية والاحتلال والتخلف والفقر.‏

نعم هو البعث يمتلك الإجابة الشافية والحلول الصحيحة لكل المشكلات، وهو من بدأ صوغ السياسات التفصيلية لمواجهة تلك المشكلات والأزمات، الأمر الذي استدعى قوى العدوان من المجتمعات الغربية ذات الطبيعة الاستعمارية، إضافة إلى الكيانات التابعة ذات الطبيعة الرجعية أن تستنفر كل قوتها ومقدرتها لعرقلة مسيرة الحلول وفق الصيغة البعثية.‏

واستمرت المعركة في جولات كثيرة، لا يبدو لها نهاية طالما استمر وجود دعاة السيطرة على مقدرات الشعوب، وقبول التبعية من جانب بعض أبناء الحضارات العريقة ممن يمتلكون ثروات طبيعية يتربعون فوقها، وينفقونها في خدمة المستعمر، ظناً منهم أن ذلك المستعمر، وحده الضامن لكراسيهم القابعة على كثبان الرمال المتحركة، تلك الرمال التي تعكس طبائعهم، وتبدو في مواقفهم التي تشابه وضع رمالهم التي لا تثبت على حال.‏

واليوم إذ احتفل البعث بذكرى تأسيسه وقد تخلى عن نص دستوري عن حقه في قيادة المجتمع والدولة، فإنه يعكس في موقفه إصراراً أكثر عمقاً على متابعة مشروعه، والانتماء بصورة أكبر إلى جوهر عقيدته واستعادة حال البعث في التضحية والفداء، والبذل والعطاء دون انتظار مردود ذاتي، ذلك أن الهدف الأساس هو مصلحة الأمة ووجودها والسعي لاستعادة دورها الإنساني والحضاري، انطلاقاً من أصغر المساحات التي يمكن أن تمثل قاعدة انطلاق قوية نحو تلك الصحوة.‏

وسورية في راهن واقعها تمثل خير الموقع الأكثر ملاءمة لاستعادة صورة البعث المترفع عن الصغائر، والباحث عن جواهر العزة والكرامة والتحرر والقوة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 مصطفى المقداد
مصطفى المقداد

القراءات: 11634
القراءات: 950
القراءات: 886
القراءات: 865
القراءات: 904
القراءات: 929
القراءات: 972
القراءات: 894
القراءات: 945
القراءات: 1006
القراءات: 964
القراءات: 955
القراءات: 974
القراءات: 973
القراءات: 977
القراءات: 1072
القراءات: 1006
القراءات: 1055
القراءات: 1063
القراءات: 1044
القراءات: 921
القراءات: 991
القراءات: 1038
القراءات: 1041
القراءات: 952
القراءات: 1091

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية