وفرض إرادتها على دول المنطقة وخاصة سورية لم يكترث الأوروبيون الذين تقودهم الولايات المتحدة كالقطيع الى ما حذرت منه الدولة السورية منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية وركبوا قطار المشروع الامريكي أملاً في الفتات الأمريكي لكنهم تناسوا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا هي الحدود الجغرافية المباشرة لأوروبا وأن أي خلل أمني كبير ستصل تداعياته إلى القارة العجوز التي على ما يبدو أصبحت عاجزة عن نسج سياساتها بعيداً عن السياسة الأمريكية.
الدولة السورية قيادة وحكومة فعلت كل ما بوسعها من أجل تحذير الغرب من مخاطر دعم التنظيمات الإرهابية والتدخل المباشر في شؤون الدول الأخرى, ولكن العديد من الدول الأوروبية تجاهلت هذه التحذيرات وأكملت طريق دعم الإرهاب سياسياً وعسكرياً ومالياً وغضت الطرف عن الدول المفرخة للإرهابيين في منطقة الخليج العربي، ما أوصل الأمور في منطقة واسعة من غرب آسيا وشمال إفريقيا إلى حالة من عدم الاستقرار جراء انتشار التنظيمات الإرهابية التي ترتكب أبشع الجرائم بحق السكان المدنيين في سورية والعراق وليبيا.
ولم يكن الدعم الغربي الأمريكي للتنظيمات الإرهابية المسبب الوحيد في أزمة المهاجرين، بل إن العقوبات الغربية الاحادية التي فرضت على الشعب السوري ساهمت إلى حد ما أيضاً في بحث هؤلاء المهاجرين عن أماكن عيش جديدة بعد التأثير الكبير للعقوبات على أعمالهم وأرزاقهم ،الأمر الذي تتحمل مسؤوليته الدول الغربية التي فرضت حزمة عقوبات غير مسبوقة على الشعب السوري خلافاً لكل القوانين الدولية، هادفة منها إركاع الشعب السوري والدولة السورية.
ان الاتهامات التي توجهها الحكومات الغربية لسورية والعراق مردودة عليها، فالجيشان السوري والعراقي يقومان بأقصى الجهود العسكرية والأمنية للقضاء على التنظيمات الإرهابية التي دعمها الغرب وعلى رأسها تنظيم /داعش/ الارهابي، ولولا تضحيات الجيشين لكانت أوروبا الان أمام مواجهة شاملة مع الارهاب الذي بدأ يضرب عدداً من الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا التي تصر إلى اليوم على دعم التنظيمات الإرهابية لإسقاط الدولة السورية.
إن الولايات المتحدة وعدداً من الدول الاوروبية و/إسرائيل/ وأدواتهم في المنطقة وفي مقدمتهم تركيا والسعودية وقطر هم المسؤولون عن زعزعة استقرار العراق وليبيا ومن ثم سورية واليمن، وبالتالي عليهم تحمل نتائج أفعالهم بحق شعوب هذه الدول، وحتى اليوم ورغم سيل المهاجرين الذي يجتاح أوروبا لم تجر الدول الأوروبية مراجعة حقيقية لسياساتها الخاطئة في المنطقة، الأمر الذي يهدد الغرب والعالم بأخطار إرهابية غير مسبوقة.
على مدى الأربعة عقود الماضية كانت سورية في رأس قائمة الدول المستقرة والآمنة، وكان الشعب السوري من أقل الشعوب المهاجرة في العالم، أما اليوم وجراء الحرب الإرهابية على سورية فقد تغير ذلك واستنزفت الطاقات ومكتنزات الشعب السوري، وإذا لم تدرك الدول الأوروبية حصراً والولايات المتحدة مخاطر دعمها للإرهاب والتلاعب بقوت الشعوب فإن سيل المهاجرين المستمر في أوروبا سيكون غيضاً من فيض دعم التنظيمات الإرهابية واستخدامها لتحقيق المصالح وما سيليه أفظع من ذلك بكثير .