تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لا يا حنا ليس بيدك أن تموت

معاً على الطريق
الخميس 21/8/2008
عبد النبي حجازي

ما كان بيدك أن تعيش وليس بيدك أن تموت ولو مات الجاحظ وأبو حيان التوحيدي والأخطل (غوث بن غياث) و( مكسيم غوركي) لكنت مت, إن مقامك الأبدي يا حنا هو تسعة وثلاثون كتاباً تشير إليك حروفها حرفاً حرفاً وفاصلة فاصلة, إنها تمزج طفولتك الشقية بشبابك الأكثر شقاء بكهولتك التي غدت موجات ناعمة تنداح على صقال بركة ألقي فيها بحجر كما رأتها مخيلة (ابن الرومي).

ولدت بسيطاً وعشت حياتك بسيطاً وفياً لبساطتك وشمخت وكان في شموخك سحر البساطة شمخت بأعمال تفجرت من عمق نفسك بلغت بها القمة فانتهبها التاريخ من بين يديك واحتضنها ورسخها في المكتبة العربية وجعلها (ملكاً عاماً) وطال بك العمر يا حنا وحفزتك الرغبة في أن تبذل عطاء تجامل به من حولك فكانت صبوات خرجت من ظاهر نفسك لكنها لم تستطع أن تجعل ألق شموخك يخبو لقد أصبحت يا حنا رغم أنفك نجماً وأنت بطبيعتك تهرب من النجومية سواء بحياتك الخاصة المتواضعة الوديعة بين أهلك ومحبيك أم بحياتك العامة التي تزري ببرقها الخلبي وتأوي إلى قلمك تعيش معه عالمك الصامت الرحيب, أصبحت رغم أنفك نجماً يا حنا ينعكس على صقال البحر-الذي عشقته-مالئاً نظرات العيون التي تهفو إليه من كل حدب وصوب عصياً على الأيدي التي تحاول أن تتقراه باللمس.‏

في مطالع الثمانينات- إن لم تخني الذاكرة-جئتني يوماً إلى اتحاد الكتاب في زيارة خاصة ولم تكن أنت ولا عبد السلام العجيلي عضوين فيه (وقد بلغ عدد أعضائه اليوم قرابة الألف) وبدوت لي يومها كمن أصيب بالزهايمر يعاني بعض الرجفات وينظر حواليه ضائعا, بدوت يا حنا كطفل قدمت إليه هدية لم يكن يحلم بها, جلست والتقطت أنفاسك وقلت لي أريد أن أقدم مساعدة مالية لبعض الكتّاب الفقراء وعرفت منك أنك تقاضيت مبلغاً(كبيراً) من إحدى دور النشر عن بعض إنتاجك الأدبي نبت بها حياتك البسيطة, وذكرتني يومها ببيت لحسان بن ثابت يقول فيه:‏

أكفّر أهلي عن عيال سواهم‏

وأطوي على الماء القراح المبرد‏

كنا نحن الجيل الذي يليك الذي تفتح في الستينات غارقين في الأدب العالمي من مشارقه ومغاربه:(ليون تولستوي) (ديستويفسكي) (إميل زولا) ( تشارلز ديكتر) (فولكنر) (أرنست همنغواي) (روخاس)..ولست أدري كيف توجهنا إلى ( نجيب محفوظ) وأخذنا نتابعه منذ بداياته, كان بعضنا يقول (نحن جيل بلا آباء) وفي العام 1966 أخذ بعضنا يلفت نظر البعض إلى رواية جديدة هي (الشراع والعاصفة) بدأنا نقرؤها مستطلعين أول الأمر وما إن قرأنا (الشمس في يوم غائم) بعدها وجدنا أنفسنا غارقين في عالم حنا مينة نتابع قراءة أعماله كلها ثم تنبهنا إلى عبد السلام العجيلي ثم سعيد حورانية ومحمد الماغوط وزكريا تامر وحيدر حيدر ولم نعد نقول (نحن جيل بلا آباء).‏

لقد هيجت مشاعرنا بوصيتك يا حنا سامحك الله وأطال عمرك فإن الأعمار بيد الله.‏

anhijazi@Gmail.com‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 21/08/2008 00:07

لاأبدية لأحد ياأستاذنا الكاتب, فمهما أبدع المبدع فلا يجوز التضخيم في وصفه لحد اللامعقول, ففعلا كان حنا مينا مبدعا ومتمكنا, لكنه ونتاجه أيضا لايمكن لهما ملك الأبدية, فياليتنا نتوقف عن هذا الأسلوب الذي نؤله فيه المبدع مع أننا لانقدم على الإستفاده من إبداعه في حياتنا, فيبقى في بطون أمهات الكتب على الأغلب.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 عبد النبي حجازي
عبد النبي حجازي

القراءات: 2148
القراءات: 1086
القراءات: 1096
القراءات: 1083
القراءات: 1287
القراءات: 1111
القراءات: 1047
القراءات: 1332
القراءات: 1299
القراءات: 1152
القراءات: 1682
القراءات: 1208
القراءات: 1770
القراءات: 1250
القراءات: 1206
القراءات: 1307
القراءات: 1245
القراءات: 1328
القراءات: 1312
القراءات: 1322
القراءات: 1538
القراءات: 1696
القراءات: 1484
القراءات: 1402
القراءات: 1834

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية