هذا ما أكده مايك ماكول رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأمريكي في جلسة استماع في الكونغرس مؤخراً حيث قال: «إن خمسة آلاف مقاتل في صفوف تنظيم داعش والقاعدة الإرهابيين هم مواطنون غربيون وبمقدور العديد منهم السفر إلى الولايات المتحدة دون تأشيرة دخول» مبيناً أن أكثر من 150 مواطناً أمريكياً انضموا إلى تنظيم داعش الإرهابي بعضهم عاد إلى الولايات المتحدة.
فيما قال مدير المركز القومي الأمريكي لمكافحة الإرهاب نيكولاس راسموسن وفي جلسة الاستماع ذاتها: «إن الأجانب الذين انضموا إلى التنظيمات الإرهابية في سورية يقدر بعشرين ألفاً من تسعين بلداً»، وهو ما تحسب له واشنطن حالياً ألف حساب وحساب، حيث تعمل على استمرار الإرهاب لضمان عدم عودة هؤلاء الإرهابيين الأجانب إلى بلدانهم خشية دخول أعداد منهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
إذاً ليس سراً أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم وتمول وتسلح وتدرب التنظيمات الإرهابية في سورية وذلك عبر وكلائها في المنطقة كالسعودية وقطر وتركيا والأردن «كل حسب وظيفته» وبإشراف غربي من فرنسا وبريطانيا وذلك لاستخدامهم في تنفيذ سياسات البيت الأبيض في المنطقة.
وتقسيم الإرهابيين بين «معتدل» تشجعه وترعاه حيث يخدم مصالحها ومصالح إسرائيل، وبين «متطرف» تدعي محاربته مثل داعش والنصرة حيث الفوارق بين الاثنين نظرية فقط، ومايثبت ذلك رعاية الكيان الصهيوني لتنظيم النصرة في الجنوب السوري والدعم والإسناد اللوجستي والطبي وتدريبها وتسليحها عبر الأردن، وكذلك إلقاء السلاح والعتاد وسلات الأغذية من الطائرات الأمريكية لتنظيم “داعش” مؤخراً في أطراف الموصل وقبل ذلك في محيط مدينة عين العرب ما يؤكد تساوي المعتدل مع المتطرف في الدعم والإسناد من قبل واشنطن وأدواتها.
إلا أن ما يعمل عليه البيت الأبيض حالياً هو استمرار الإرهاب في سورية والعراق لعرقلة أي جهد يؤدي إلى القضاء عليه، ومنع تفكك داعش الذي يمكن أن يؤدي إلى عودة الأجانب إلى بلدانهم وما قد يسببه ذلك من قلق لواشنطن من وصول المجموعات الإرهابية إليها سواء كانوا أمريكيين أم أوروبيين، وهو ما يجعل واشنطن تطيل أمد توظيف الإرهاب وجعل المنطقة ملتهبة تتحارب فيها تلك الدول مع المجموعات الإرهابية التي قال عنها ماكول نفسه:«إننا أصبحنا نتحدث عن “جيوش إرهابية” وليس مجموعات إرهابية فقط» وهو ما تخشاه واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون وتعمل على حصره في المنطقة، وهو أيضاً ما يفسر معنى عبارة «احتواء داعش» أي الإبقاء عليها مع ضمان عدم تمددها أو تفككها.