بل في بعض تجلياتها إعادة تقويم لواقع سياسي طالما شكلت فيه الرغبة الإسرائيلية أحد أعمدة الموقف الأميركي من عملية السلام.
وإذا كانت التلميحات الأميركية وصلت في بعض مراحلها إلى إبداء الخشية من التعامل مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، فإن وضع تحقيق السلام كمصلحة أميركية يدفع بها إلى الواجهة، حين تبدو الرغبة الأميركية معرضة لأول مواجهة مع الحكومة الإسرائيلية التي تستبعد السلام من قاموسها.
والواضح حتى الآن أن اللهجة الأميركية لم ترق للإسرائيليين الذين جاهروا بوجود رؤية مغايرة للطرح الأميركي ولم تتأخر الرسالة الإسرائيلية في طريقة التعاطي مع المبعوث الأميركي جورج ميتشل حين بدأت المضايقات واضحة، والازدراء لم يكن خافيا على احد.
المواجهة المبكرة بدت أكثر وضوحا حين يخرج التمايز بين المصلحة الأميركية والإسرائيلية إلى العلن، وحين يصبح تبادل رسائل الاعتراض والخشية بهذه المباشرة التي لم تترك مجالا للشك بأن حكومة نتنياهو، وإن لم تجاهر حتى اللحظة بافتراق المصالح، مستعدة للذهاب بعيدا في ممانعة التوجه الأميركي بكل تفاصيله ومفرداته.
أول الغيث كان ازدراء ,وثانيه إعلان الاختلاف ، وثالثه حديث خفي تارة وعلني تارة أخرى عن افتراق المصالح أما رابعه فيبدو هو الاختبار الأصعب الذي ستضطر الإدارة الأميركية لخوضه في المنطقة ، ونتائجه محكومة حتى اللحظة بحدود الإرادة السياسية التي دفعت بالمبعوث الأميركي لوضع السلام العادل والشامل في سلة المصلحة القومية الأميركية التي ستعطي هذه الإرادة الكثير من عوامل الدفع والانطلاق.
مقاربات الخطاب الأميركي بصيغته الجديدة تشي بالكثير ، وتفتح الباب أمام تعديلات جوهرية قد لا تصل إلى مرحلة التحول النوعي، لكنها بالتأكيد تؤسس لجهد دولي يمكن له أن يقدم النصف الآخر من الكأس.