عفوياً.. ودون أي قرار بفرح خفي.. أو حزن هادئ أنطلق مع تلك الحقيبة الكبيرة.. كأني أبحث عن فكرة.. عن غيمة.. عن دمعة عن احاسيس أخرى.. أمسك بحقيبتي قبل أن أغادر أفتشها مرات ومرات..!
منذ بداية الازمة أصر على ان تكون كبيرة، أملأ فيها ما قد أحتاجه مستقبلا، وأغلقها بعناية خائفة أن يهرب منها شيء..
طيلة الوقت أتفقدها، أتفقد أغراضي، أشيائي حتى التافهة منها، أحلامي فقط، اتركها خارجا، أخاف إن أغلقت عليها تلك الحقائب الكبيرة ان تضيع نهائيا.
في زحمة انشغالاتنا.. في عناء بحثنا ونحن نحاول اكتشاف ذواتنا.. ثم رميها، حين نملها، سعيا لاكتشاف أخرى..
تحاول ان تهرب من امكنتك الاعتيادية أولها بيتك.. حين أفر منه مساء اخشى ألا أعود.. وأنا أمشي بين تلك الدروب، احيانا انسى اني امتلك منزلا في مكان قصي مجهول، أعود اليه يوميا رغما عني، مؤمنة أني إن فارقته سأموت..
اما ذاك البيت العشوائي القريب.. كم أشتهي لو بإمكاني دخوله، لو بإمكاني قسر نفسي على فتح بابه.. دون أن ترافقني تلك الغربة الممزوجة بكآبة الامكنة الطارئة..!
ما ان استيقظ من شرودي.. حتى اكتشف أني انسقت تلقائيا إلى الأمكنة ذاتها.. أتذوق نفس الاطعمة وقد أرى نفس الوجوه..
أنساق تلقائيا.. أتمشى.. أتمهل.. استطلع، وكأني أراها للمرة الأولى..
غريب.. كيف لانمل الامكنة حين تسكننا أحاسيس لاتضاهى..
أحاسيس تباغتنا وتحتل دواخلنا.. ثم تتمدد تضاهي خيوط العنكبوت في هشاشتها..!
يتلاشى كل ما حولي.. وأنا اغوص في أفكار تتداعى.. أولفها على مزاجي.. أنتقي بعضها، وغالبا أرميها كلها، أخاف اعتيادها، موجع الاعتياد. يقيدك.. يقتلك.. ويكاد يشل أحاسيسك...
بعدها لاشيء يجديك.. لاتتمكن من الافلات.. فات الأوان..!
الأمكنة.. أفكار.. شخصيات دون سواها.. جميعها تولفنا على مزاجها.. في لحظة نعتقد أننا أحرار.. فإذ بكل تلك الأشياء المجتمعة قد التفت حولنا وسكنتنا.. ومهما تصارعنا معها.. تقيدنا ولاتمكننا من الإفلات..!
soadzz@yahoo.com