ولعل إطالة أمد الصراع كان أحد اهم أهداف إسرائيل بحيث يبقى الجرح السوري نازفا ويستنزف معه كل القوى التي تقف في صف الدولة السورية إضافة لتدمير كل ما انجزه السوريون من عمران وبنوه من مؤسسات تربوية وصحية وخدمية واقتصادية ما يعني بالمحصلة تراجع سورية عشرات السنين إلى الوراء دولة هزيلة محطمة غير قادرة على القيام بدورها ووظيفتها في الرعاية والأمن وخارج معادلة الصراع في المنطقة وموازين القوى فيها .
لقد تفاجأ محور العدوان على سورية بانها استطاعت بإمكاناتها الذاتية ومساندة حلفائها وأصدقائها أن تواجه العدوان وتحتويه وصولا لإلحاق الهزيمة النهائية به ما اسقط كل حساباتهم وجعلهم يعيدون النظر بما وضعوه من سيناريوهات إلى درجة أن العدو الصهيوني قد بدأ يطلق التهديدات ويتوعد بعدوان على كل من سورية ولبنان بذريعة تلافي الخطر المحدق به بعد اعترافه وإقراره بانتصار سورية ومحور المقاومة الذي اصبح أكثر تماسكا وخبرة عسكرية بعد الذي جرى مع الإصرار على مواجهة العدو الصهيوني دونما مغادرة لثوابته وأولوياته أو حرف لبوصلته في تحديد الصديق من العدو .
إن الرد السوري على الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية واستهداف الطائرات التي قصفت بعض المواقع العسكرية شكل صدمة قوية للقيادة العسكرية والسياسية في إسرائيل وادخلها في متاهة الحسابات والخوف من القادم والقناعة بأن سورية وحلفاءها سيكونون أكثر قوة وتصميما على المواجهة حتى تستعاد كافة الأراضي العربية المحتلة و حقوق الشعب العربي الفلسطيني لاسيما ان حالة الأمل والثقة بالنصر عادت بقوة إلى جماهير وشعوب المنطقة وأخرجتها من حالة اليأس والإحباط التي تشكلت نتيجة ما اجتاحها من حمى إرهاب وعنف وتمزق لم تشهد له مثيلا في تاريخها .
لقد اعتقد العدو الصهيوني انه سيعيش حالة من الاسترخاء التي تمكنه من تحقيق كل أهدافه العدوانية بعد الذي جرى في سورية تحديدا لأنها كانت تشكل بالنسبة له القوة الحقيقية التي حالت دون تحقيق أحلامه التوسعية وتمكينه من فرض شروطه الاستسلامية على الدول العربية كما فعلها مع حكومات مصر والأردن والسلطة الفلسطينية ولكنه وقع في خطأ الحسابات والأوهام فسورية لم ولن تغادر ثوابتها بل هي اليوم وبالرغم من كل ما جرى اكثر تمسكا بتحرير الأرض واستعادة الحقوق ومؤهلة أكثر من أي وقت مضى على ريادة وقيادة محور المقاومة الذي اصبح اكثر تماسكا وتعاضدا والتحاما وقوة وثقة بالنصر .
إن ما تقوم به إسرائيل من اعتداءات متكررة على بعض المواقع العسكرية في سورية بحجج وذرائع مختلفة لن يمر بدون حساب ولعل ما جرى من تعقب لطائراته المعتدية في الأجواء اللبنانية هو رسالة واضحة لمطبخ القرار فيه مفادها أن قواعد اشتباك جديدة قد بدأت تتشكل وان عصر العربدة الإسرائيلية واستباحة الأجواء والحدود قد اصبح من الماضي ما يعني أن عليه أن يعيد حساباته حال إقدامه على ارتكاب هكذا حماقات في المستقبل ويتحمل كلفة وتبعة ذلك وتداعياتها .
khalaf.almuftah@gmail.com