تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جريمة الحب ..!

على الملأ
الأثنين 23-10-2017
علي محمود جديد

شيئاً فشيئاً تعود الحياة إلى مدينة عدرا العمالية، بعد ذلك الكابوس المؤلم الدامي، الذي تعرضت له، وقتما اجتاحتها المجموعات الإرهابية المسلحة، صبيحة 11 كانون الأول عام 2013، ذلك اليوم الذي لا ينسى،

ومن لم يعش تلك اللحظات المجنونة - مثلما عشتها - لن يستطيع إدراكها جيداً مهما امتاز خياله بدرجة عالية من الخصوبة..!‏

كان يوماً فظيعاً، وكأن الساعة قد قامت، وأعتقد أنني اكتسبت بذلك اليوم قدرة على استيعاب وهضم قيام الساعة إن وقعت، فأنا اليوم إن قامت القيامة سأكون سعيداً على الرغم من كل الخطايا والذنوب التي ارتكبتها، والتي سأحاسب عليها، لأنني أدرك جيداً ذهابي وقتها للقاء رب رحيم، أما هنا.. في عدرا العمالية، فكان الذهاب إلى شياطين متوحشة، ليحاسبوك على جرائم لا تعرفها، ولم ترتكبها، ويقتلوك من أجل خطايا وجنايات لم تسمع بها من قبل، فقطعوا رؤوس الكثيرين بسيوفهم من أجل انتمائهم، ورؤوس أخرى من أجل طبيعة عملهم، وأعدموا بالرصاص من كانوا يشكون بأنه على علاقة حب مع وطنه، انقضوا على فرن الخبز، ليرموا بعض العاملين هناك بنيران المخبز، فاحترقوا أحياء حتى ترمدوا، سرقوا الطحين، خلعوا أبواب المحال والصيدليات، ونهبوا ما فيها من مواد وأدوية، حرقوا البيوت، قطعوا الكهرباء، ودمروا مركز الهاتف، اختطفوا الآلاف، وعذبوا آلاف أخرى، وحوصرنا نحن الآلاف الباقية، وكنا على شفا حفرة من فظاعاتهم..!‏

منذ ثلاث سنوات، وفي مثل هذه الأيام تقريباً، تحررت مدينة عدرا العمالية، وطوت تلك الصفحة السوداء، وكان من الطبيعي أن تبقى لفترة كمدينة أشباح، لا أحد يسكنها، غير أن الأهالي راحوا يتقاطرون إليها رويداً رويداً، حتى وصل العدد اليوم إلى نحو 20 ألف نسمة كما يقال، وفي الواقع فإن هؤلاء يحتاجون إلى خدمات طبيعية هي من حقهم كمواطنين، فكيف وقد عانوا ما عانوه من ظلم وإرهاب، إنهم يستحقون ولو قليلاً من التعاطف والمؤازرة في الخدمات، ليستعيدوا قواهم النفسية قليلاً، وفي الواقع هذا ما يحصل من جانب، ولا يزال مهملاً من جانب آخر، فوضع الخبز والمياه والكهرباء جيد بالفعل، والمدارس تعمل، والاتصالات الأرضية بدأت بالتحرك، والحديث عن ترميم الأبنية والشقق المدمرة لا يهدأ، وسمعنا عن رصد أموال تجاوزت المليار لهذه الغاية، ولكن المحال قليلة ولا أسواق حقيقية حتى الآن، ومشكلة المشاكل تكمن في خدمات النقل، فالأهالي يعانون بشدة من عدم توفر وسائل النقل، فمن الظهيرة يكاد ينقطع السير من دمشق إليها وبالعكس، وكثيراً ما يتعرض الأهالي إلى الانقطاع والابتزاز بعد الظهر، رغم أن الحل ممكن، ولن نحرض أكثر، فما جرى لأهلها يفوق مستوى أي تحريض، ولذلك كلنا أمل بالنظر لهذا الأمر الذي قد يشجع الناس أكثر للعودة، فتزدهر الأسواق، وتنتعش الخدمات الأخرى تلقائياً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي جديد
علي جديد

القراءات: 11504
القراءات: 875
القراءات: 849
القراءات: 860
القراءات: 915
القراءات: 896
القراءات: 883
القراءات: 885
القراءات: 925
القراءات: 944
القراءات: 862
القراءات: 940
القراءات: 948
القراءات: 927
القراءات: 1056
القراءات: 983
القراءات: 960
القراءات: 1028
القراءات: 966
القراءات: 1039
القراءات: 940
القراءات: 1016
القراءات: 1037
القراءات: 1038
القراءات: 1097
القراءات: 1088

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية