| ذات عينين ... للدجاجة! لبنان ذات يوم, قال أندريه مالرو هذا ليظهر مدى الخلل في الخيال الأميركي, وحيث الكرة الأرضية مجرد عربة خشبية تجرها جياد هرمة... كان على بابلو نيرودا أن يعلق: (بل إنهم ينظرون إلى العالم بعيني... الشيطان). وحتى لا تكون عيوننا, أو عيون البعض, عالقة بين الدجاجة والشيطان, نقول, وبمنأى عن هذا الدور اليومي المروع, إن العلاقات بين لبنان وسورية أكثر قداسة من أن تترك للنافخين في الغبار, حيناً, وفي النار حيناً آخر. غريب أن تأخذ المعمعة هذا المنحى. هل ترانا نتلمس ما حولنا, ما أمامنا? منطقة تتراقص على قيد أنملة من الانهيار الكامل, من الانفجار الكامل. ومع ذلك, هناك من يلعب, بالحماقة, أو بالتواطؤ, برنين الذهب أو بثغاء الماعز (ألا تتبينون أصواتهم?) بالنصوص المفخخة, كما لو أن الأباطرة الذين لا تفرقهم سوى الياقات البيضاء عن أكلة لحوم البشر, استحالوا فجأة إلى ملائكة يعملون على تسويق الشفافية والعدالة والديمقراطية على طريقة العالم الآخر. يعلم اللبنانيون أنهم أمام أزمة كبرى, ويعلم اللبنانيون أنهم ضحايا, وإلى إشعار آخر, لذلك العبث الاستراتيجي الذي له تفسير وحيد: أن تعلق أيدينا بالإعصار الذي لا يعنيه من لبنان سوى أنه موطئ قدم, مجرد موطئ قدم, للثيران المجنحة. أندريه فونتين الذي كتب عن (التانغو الأخير) للسيد آدم وللسيدة حواء هو الذي اعتبر أن الثيران المجنحة هي التي تتولى, حالياً, إدارة الكرة الأرضية. عنوانان على حافة الجمر: التوطين والماء! هل ندري, إذاً, ما المطلوب منا: أن يتفتت الفتات لتغدو الفيدرالية (وفي إطارها التوطين) هي الخلاص. هذه هي الصيغة المثلى لكي تبقى الخناجر, الغرائز, في مكانها. لا ريب أنكم تشاهدون, بالعقل المجرد, تلك البانوراما العراقية الآسرة. يقال إن عظام أبي الطيب المتنبي طلبت أن تنقل إلى أي مكان يمكن فيه للقصيدة, لا الفضيحة, أن ترتدي دقات القلب... في موسم اللا معنى, هل هناك من قرأ ما قاله تيودور هرتزل, وحاييم وايزمان, ودافيد بن غوريون, وموشى شاريت, في ماء لبنان? في المقابل تراكم قرأتم ما قاله إبراهيم عبد العال (وقد قتل في الظروف الغامضة إياها), وما قاله موريس الجميل, وما قاله ريمون إده لكي لا تتحول أنهارنا إلى غرفة مشرعة أمام البربرية بدل أن تكون... غرفة القمر. نختلف مع سورية? قد يكون هذا من طبيعة الأشياء بين الأشقاء, أما أن نصل بهذا الاختلاف إلى الحد الذي يجعل من لبنان خاصرة للقيصر, فهذا هو الممنوع, بل هذا هو الحرام. والكلام لمن يعنيه - أولا يعنيه - الكلام! ذات عينين للدجاجة...! * كاتب وصحفي لبناني
|
|