قامت الأعمال الروائية التي انضوت تحت اسم «أدب الديستوبيا» غالباً على وصف المستقبل القاتم للبشرية على خلفية الحروب والمآسي الكبرى التي خاضتها البشرية بسبب تحويل الإنسان إلى مجرد رقم وانتهاك حرمته.
تبدو مفردة «ديستوبيا» متناقضة كلياً مع مفردة «يوتوبيا» التي قد تعني المدينة الفاضلة أو الجنة.. ربما هو الفرق بين الجحيم والجنة, ولكن كم هو مذهل ومؤلم أن يكون الوطن هو هذا المكان بعينه! المكان القادر أن يكون مرةً «دستوبيا» فيبدو وكأنه مرمي خارج رحمة العالم, ومرةً «يوتوبيا» -بالنسبة لمشاعر الانتماء والحنين واعتباره جنة المنتمي إليه كليةً-.
في عام 1932 ظهرت رواية «عالم جديد شجاع» لـ «ألدوس هكسلي» وتدور أحداثها في عام 2540، فما الذي يتشابه بين عالمنا اليوم وعالم ألدوس هكسلي الذي تتحكم فيه إرادة العلم بشكل كامل؟
ما يجمع هنا بهناك أن ثمة إرادة عليا سياسية أو دينية أو علمية أو معرفية تتحكم بمصير الإنسان وتحيله إلى روبوت.
في «دستوبيا» هذا العالم لا أحد يطمح إلى تبلور الفردية والاختلاف الشخصي, والجميع يدعو بقوة إلى الجماعة والتشابه والاستقرار- الذي يعني دوام الحال على ما هو عليه- وكذلك عالم 2540 فكم سننتظر لنعيش عصر الإنسان الحق خارج الديستوبيا واليوتوبيا أيضاً؟!
suzan_ib@yahoo.com